كانت شهادة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، أمام لجنة التحقيق العامة التي تحاول «استخلاص العبر» من الحرب على العراق «مملة... ولم تكشف خفايا وأسراراً». وخلافاً لرئيسه السابق توني بلير، الذي كان رئيس الحكومة في عام 2003 عند اتخاذ قرار المشاركة مع الأميركيين في الحرب لإسقاط صدام حسين والذي قال إنني «غير نادم»، أعرب براون عن أسفه الكبير لخسارة الأرواح في صفوف الجنود العراقيين والمدنيين العراقيين. وأبلغ اللجنة «لقد اتخذنا القرار الصائب بناء على أسباب صحيحة» مشيراً الى «دروس تعلمناها» حول صنع القرار والتعاون الدولي وكيفية إرساء سلام بعد الحروب. وأثنى براون على الجنود والنساء الذين قتلوا في الحرب. وقال «لقد تلقيت معلومات من أجهزة الاستخبارات دفعتني الى الاعتقاد بأن العراق يشكل تهديداً ويجب التعامل معه من قبل المجتمع الدولي». لكنه أوضح أنه كان يريد سلوك «طريق الديبلوماسية لتحقيق نجاح» وأنه كان «يأمل في ذلك حتى الأسبوع الأخير قبل بدء الغزو». وكشف براون عن أنه تحدث مع بلير في شأن العراق مطلع عام 2002 إضافة إلى المناقشات التي طرحت خلال اجتماعات الحكومة البريطانية. وقال إنه أكد لبلير صيف عام 2002 أنه لن يستبعد الخيارات العسكرية بسبب ارتفاع التكلفة. وأضاف «قلت مباشرة لرئيس الوزراء، ينبغي ألا يكون هناك إحساس بأن هناك أي قيود مالية تمنعنا من القيام بما هو أفضل للجيش». وشدد أيضاً على أن مجلس الوزراء كان على علم كامل بالجهود المبذولة للوصول الى حل ديبلوماسي لمنع الحرب. ودخل براون إلى مقر مركز الملكة إليزابيث الثانية للمؤتمرات من المدخل الأمامي خلافاً لبلير الذي أدلى بإفادته أمام اللجنة في كانون الثاني (يناير) ودخل المركز من القبو. وكان شهود قالوا أمام لجنة التحقيق إن براون لعب دوراً رئيساً في الفترة التي سبقت الحرب وانه خفض انفاق وزارة الدفاع بعد الغزو. وتدرس لجنة التحقيق أحداث الحرب بدءاً من عام 2001 وحتى عام 2009 بما في ذلك قرار المشاركة في الحرب ومدى استعداد القوات البريطانية لخوضها ثم الصراع وما حدث بعدها. وكان براون قال سابقاً إن تجاهل العراق قرارات الأممالمتحدة وليس أسلحة الدمار الشامل كان السبب الرئيس الذي دعم اتخاذ قرار الحرب. وخلافاً للمقرر أصلاً بأن براون كان سيدلي بإفادته أمام اللجنة بعد الانتخابات العامة المقررة في أيار (مايو) المقبل، أجبرته الضغوط السياسية التي تعرض لها على تقديم الموعد. وقال براون إنه سعيد بالإدلاء بإفادته مبكراً لأنه لا يريد ان يعتقد الناس بوجود اسئلة ما زالت تبحث عن إجابات. وتحدث براون عن ان الحرب لا تزال تؤرق الكثير من البريطانيين بالتكلفة البشرية وبوقوع اخطاء بيد أنه نأى بنفسه عن اكثر القرارات إثارة للجدل. وقال «لا أحد يود الذهاب الى الحرب لا أحد يود رؤية أبرياء يموتون لا أحد يود رؤية قواتكم وقد وضعت في خطر... لا أحد يود أن يتخذ هذا القرار سوى في أخطر الظروف». وبراون، الذي شغل منصب وزير الخزانة إبان غزو العراق، أبرز شخصية تدلي بشهادتها أمام اللجنة التي تضم خمسة اشخاص منذ أدلى سلفه بشهادته التى حظيت باهتمام اعلامي واسع في كانون الثاني. وبينما وجهت انتقادات لبلير لقوله انه ليس بنادم في شأن الحرب حملت الكلمة الافتتاحية لبراون تعبيراً عن الأسى لمقتل الجنود البريطانيين والمدنيين العراقيين على حد سواء. وتظل مسألة حشد الدعم للجيش شائكة لوجود 10 آلاف جندي في افغانستان يواجهون تهديداً مشابهاً من المتمردين. وقال براون أمام لجنة التحقيق «لم يكن هناك وقت... عندما قالت الخزانة ان هذا خيار عسكري أفضل لأنه ارخص او أقل تكلفة». وفي حين ركزت شهادة بلير في مجملها على أن التهديد الذي كان يفرضه وقوع أسلحة الدمار الشامل في يد من يسيء استعمالها في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) في الولاياتالمتحدة كان السبب الرئيسي للحرب. ركز براون في شهادته على عدم إذعان الرئيس العراقي السابق صدام حسين لقرارات الأممالمتحدة واعتبر ذلك مبرراً للحرب قائلاً «انه كان يأمل في ان تنتصر الديبلوماسية في اللحظة الأخيرة”. وتملص براون من الإجابة على أسئلة في شأن مشروعية الحرب قائلاً «انه شعر بالرضى بعدما قال أحد كبار مستشاري الحكومة انها مشروعة» وأضاف انه «شجع من دون فائدة على بذل مزيد من الجهود في شأن إعادة إعمار العراق». وأضاف «لم نتمكن من إقناع الأميركيين انه لا بد من وضع ذلك الأمر في موضع أولوية يستحقه وإني لأشعر بالأسي لذلك. لا يمكنني تحمل المسؤولية عن كل خطأ وقع». وقال براون «فزنا بالمعركة خلال سبعة ايام تقريباً لكن تحقيق السلام بالعراق استغرق سبع سنوات».