أظهرت دراسة أن مرض فقدان الشهية (انوريكسيا) الذي لم تعرف بعد مسبباته الحقيقية، قد ينتج من عادة الأشخاص المصابين به في اختيار الاغذية الأقل احتواء على الدهون والسعرات الحرارية، ما يؤدي إلى فقدانهم نسبة كبيرة من اوزانهم. وأشارت الدراسة التي تشرت أول من أمس (الاثنين) في دورية "نايتشر نوروساينس"، إلى أن قوة العادة التي تدفع الاشخاص إلى تكرار الافعال ذاتها في شكل يومي، قد تكون المسبب الرئيس لمرض فقدان الشهية الذي يفتك بثلاثة ملايين أميركي وخمسة في المئة من سكان المملكة المتحدة. وتوصل المشرفون على الدراسة إلى هذه الخلاصة بعد إجرائهم تجارب عدة على 21 مصاباً بالمرض ومثلهم من غير المصابين، منها تقييم الأغذية واختيار ما يفضلون من مائدة متنوعة الاطعمة في تجربة يخضعون خلالها إلى تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي. وقالت الباحثتان المشرفتان على الدراسة، مارين فورد وجوانا ستاينغلاس، إن "قدرة المصابين بالمرض على تنويع غذائهم ضعيفة جداَ. فعلى رغم تزويدهم بانواع عدة من الطعام، يختارون الاطعمة الاقل احتواء على الدهون والسعرات الحرارية". وكانت دراسة أخرى نسبت المرض إلى نقص في التوازن البكتيري في المعدة، ما يؤدي إلى انخفاض حاد في الوزن، بالإضافة إلى أعراض اخرى ارتبطت بالمرض مثل القلق والكآبة والرغبة في خفض الوزن في شكل أكبر. وقال الباحث في مركز "بيولوجيا الجهاز الهضمي والأمراض" في "جامعة نورث كارولاينا" الدكتور إيان كارول إن "الحد في تناول الغذاء قد يغير التركيبية البكتيرية في المعدة، ما قد يساهم في الإصابة بالقلق والكآبة وانخفاص أكبر في وزن المصابين بالمرض". واجرى فريق كارول تجربة جمع خلالها عينات من براز 16 امراة مصابة بالمرض قبل دخولهن مركزاً متخصصاً لعلاج أمراض أضطراب الأكل، وفعل الشيئ ذاته عند خروجهن منه واكتسابهم 85 في المئة من الوزن الذي أردن الوصول إليه، وقارن العينات بأخرى من أشخاص غير مصابين بالمرض، فوجد نقصاً كبيراً في التنوع البكتيري عند المصابات بالمرض قبل دخولهن المستشفى، وزيادة نسبة التنوع قليلاً عند خروجهن. وأوضح كارول أن "الدراسة لا تؤكد أن تنوع البكتيريا في المعدة سيكون الحل السحري للشفاء من هذا المرض، إذ توجد أسباب مهمة أخرى. لكن بكتيريا المعدة تعد عاملاً مهماً في صحة الانسان بشكل عام وصحة الدماغ، خصوصاً عند الاشخاص المصابين بنقصان الشهية". ويظن الدكتور المشرف على الدراسة أن المرض قد يقترن ببعض الاعراض النفسية المرتبطة به مثل القلق والكآبة، إذ ان الميكروبات المعوية تلعب دوراً مهماً في الاتصال بين المعدة والجهاز العصبي الذي يلعب بدوره دوراً رئيساً في صحة الدماغ. ويشعر المصابون بمرض نقصان الشهية، الذي يصيب النساء بشكل أكبر بكثير من الرجال، بانهم بدينون على رغم قلة تناولهم للطعام لخوف من زيادة وزنهم وتغير شكل اجسامهم. ويعد العامل الوراثي مسبباً مهماً في الإصابة بالمرض، لكن عوامل اجتماعية ونفسية وبيئية قد تؤدي إلى الإصابة به، إذ يعتقد المصابون بالمرض بأن حياتهم قد تتحسن عند فقدانهم للوزن، ويميل الكثيرون منهم إلى العمل كثيراً والاجتهاد، فيما يصف بعض العلماء المرض بمحاولة لا شعورية للتصالح مع الذات بعد المرور بتجارب صعبة في الطفولة.