أوضح تقرير صدر أخيراً عن البنك الدولي أن الاقتصاد الفلسطيني يعيش وضعاً متردياً، زاد من تفاقمه انخفاض المعونات من الجهات المانحة والحرب، إضافة إلى تعليق تحويل الإيرادات إلى السلطة الفلسطينية، والقيود التي تستمر الحكومة الإسرائيلية في فرضها. وتحاول إسرائيل، بحسب دراسات، السيطرة على مقدرات الإقتصاد الفلسطيني، إذ إنها استحوذت وفي شكل تدريجي على الأراضي الزراعية لصالح أنشطتها الاستيطانية، وصادرت 80 في المئة من إجمالي الموارد المائية الفلسطينية المتاحة، والمقدرة بنحو 750 مليون متر مكعب سنوياً. وأصدرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة قوانين مكنتها من السيطرة على البنوك الفلسطينية لصالح نظيراتها الإسرائيلية. وتهيمن تل أبيب على أكثر من 90 في المئة من إجمالي التجارة الخارجية الفلسطينية من الصادرات والواردات. وتشير دراسات إلى أن نسبة الصادرات الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية كانت على الدوام أعلى من نسبة الواردات منها، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع العجز التجاري الفلسطيني. وفي كثير من الإتفاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كان الطرف المحتل هو الأقوى، وساهمت اتفاقات أوسلو وما تلاها من اتفاقات اقتصادية في ربط الإقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي، ما مكّن تل أبيب من التحكم بالضرائب الفلسطينية التي تقدر بنحو 50 مليون دولار شهرياً. وزادت الأزمة تعقيداً بعدما أخلّت الدول المانحة بالتزاماتها تجاه السلطة الفلسطينية، إذ تعهدت هذه الدول في مؤتمر القاهرة الذي انعقد في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، بتقديم 3.5 بليون دولار، لم يصل إلى السلطة منها سوى 35 في المئة حتى الآن. ويستمر نصيب الفرد الفلسطيني من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الإنخفاض منذ العام 2013، في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من نسب بطالة مرتفعة بلغت بين الشباب في قطاع غزة 60 في المئة، فيما يقبع 25 في المئة من الفلسطينيين تحت خط الفقر. من جهة ثانية، يعاني قطاع غزة من مشكلات كبيرة في إعادة الإعمار، فلم يصل إليه منذ الهجوم الإسرائيلي على القطاع صيف عام 2014 سوى 1.6 طناً من مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار، أي 6.7 في المئة فقط من إجمالي المواد المطلوب توافرها. لكن تقرير البنك الدولي يرى أن هناك أملاً في أن تؤدي بعض الإجراءات إلى تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين، وفي مقدمها أن تكون إسرائيل جزءاً من الحل. وقال التقرير إنه يجب على إسرائيل السماح بوصول السلع الفلسطينية إلى المنطقة المصنفة "ج" (60 في المئة من الضفة الغربية)، وإلى الأسواق الخارجية، وتحويل الإيرادات التي تجمعها بالنيابة عن السلطة الفسطينية، وتسهيل حركة السلع من قطاع غزة وإليه. وأضاف التقرير أنه يقع على عاتق السلطة الفلسطينية مسؤوليات في هذا الصدد، مشيراً إلى أن خفض فاتورة الأجور الذي يمكن أن يؤدي إلى تحقيق فائض يصل إلى خمس نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، مهم ويندرج على رأس قائمة الأولويات. وتابع أن على السلطة الفلسطينية بذل المزيد من الجهود لتحسين مستويات الجباية الضريبية، والإستمرار في الدفع قُدماً نحو إجراء الإصلاحات في قطاعي الصحة والكهرباء. وقال المدير القِطري لمكتب البنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة ستين لاو يورغنسن، إن "معالجة بعض جوانب القصور في الإنفاق على الصحة العامة، على سبيل المثال، تستطيع إحداث فوائض يُمكن استخدامها إما لخفض العجز، أو الاستثمار في توفير خدمات صحية عالية الجودة".