حتى أنت يا غبارنا العزيز تغيرت! أصبحت عاصفاً قاصفاً، دائم التواصل، سريع الوصول، أعاذنا الله منك ومن «شهابتك» التي تضفيها على الوجوه، ومكاسبك التي تتضاعف للصيدليات وأطباء الغفلة، ومزاجك العام السيئ الذي تضفيه على مدرائنا، وزوجاتنا، ومستقبلي المرضى في مستشفياتنا. والحلة كما رأينا من تزايد وتيرة العواصف الرملية، وتنوع أشكال وألوان الغبار... هل يمكن وضع مقياس وطني محلي لدرجات الغبار على غرار مقياس ريختر الشهير يأخذ في الحسبان نوعية الاتربة، وكثافتها، وسرعة الرياح، واتجاهها، ومدى الرؤية وكل عامل آخر، شريطة ان يحمل كفالة نظامية من مصلحة الارصاد فلا يتم نقل كفالته الى جهات اخرى لتشكيل لجنة او اثنتين. العاصفة الشهيرة في الاسبوع الماضي اثارت تساؤلات لدى الناس، مثل: هل يجوز جمع الصلوات مثلاً، هل يجوز ترك العمل والذهاب للبيت للتحصن او للاطمئنان على الاولاد، وتباينت ردود فعل المدارس وتصرفاتها، ما يجعل وجود مقياس وطني أو آلية معينة تحدد درجة الغبار وما تستدعيه. مثلاً يمكن أن تكون هناك الدرجة العادية، وأخرى تستوجب إجراءات للأطفال فقط، وثالثة تتيح الغياب للموظفين، وشديدة قوية يجتهد العلماء في مسألة جمع الصلوات فيها، وجميع الدرجات لها ارتباطات أخرى بإقفال المطارات، أو حتى بعض الطرق البرية. الدول المبتلاة بالزلازل والبراكين لديها قوانين إجرائية لكل درجة، ونحن كبلد صحراوي في الغالب، و «غباري» بشكل متقلب ومفاجئ ومتفاوت القوة يجب أن يكون لدينا شيء استرشادي يتيح للجميع التصرف من دون انتظار أو تصرف وفقاً للإشاعات والأهواء. هذه الخطوة لن تكون مفيدة صحياً فقط ، بل إن لها تأثيرات فكرية ستنعكس تنموياً على علاقتنا ببيئتنا ومناخنا وعلاقة المواطن مع جهات حكومية كثر، وهي ستقضي على تخرصات واجتهادات وأقاويل تضيع من الوقت أكثر مما يمكن كسبه... فهل يمكن التفكير والتطبيق؟ لن يكون مستحيلاً.