حسم نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل التكهنات التي برزت بعد تعيين العقيد مارون قبياتي خلفا للعميد شامل روكز، عن احتمال التوصل إلى تسوية اللحظة الأخيرة لترقية روكز أو إبقائه في الخدمة قبل تسريحه ليل الأربعاء المقبل، فأعلن أمس أن «موضوع الترقيات انتهى»، ما يعني أن روكز سيغادر المؤسسة العسكرية بانتهاء مدة خدمته من دون تسوية تبقيه فيها، بعد فشل كل المساعي لإيجاد مخرجٍ إرضاءً لزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، مقابل وقف تعطيل اجتماعات مجلس الوزراء وتفعيل المجلس. وينتظر أن يزيد هذا الأمر تعقيد الأمور في ما يخص عمل مجلس الوزراء، خصوصا أن العماد عون ورئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، كانا أعلنا أن عدم حسم موضوع التعيينات والترقيات في الجيش سوف يؤدي إلى استمرار تعطيل الحكومة، استناداً إلى الموقف المبدئي الذي كان «التيار» أعلنه بعدم القبول ببحث أي بند في مجلس الوزراء قبل البت في مسألة التعيينات في الجيش، واعتبار تأخير التسريح الذي حصل سابقاً لكل من قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، غير قانوني. وفيما كان بعض الأوساط يعتبر أن مخرج ربع الساعة الأخير قبل تسريح العميد روكز هو تأخير هذا التسريح على غرار ما حصل لغيره، فإن غير مصدر وزاري وسياسي قال ل «الحياة» إن العماد عون يرفض هذه الصيغة لإبقاء روكز في الجيش طالما أنه اعتبرها غير قانونية بالنسبة إلى قهوجي وضباط آخرين في القيادة. وكان الوزير مقبل رفض الصيغة التي طرحت في بعض الوساطات وقضت بصدور مرسوم ترقية لروكز وضابطين آخرين سني وشيعي مع تحديد وظائف محددة لهؤلاء في الجيش... وخطوات أخرى تشمل تعديلاً لقانون الدفاع، مقابل إقلاع عون عن الاعتراض على اجتماع مجلس الوزراء، بحجة أن هذه الترقيات تمس بهيكلية الجيش وتقفز فوق ضباط آخرين يستحقون الترقية، ولأن قانون الدفاع ينيط الترقية بموافقة الوزير بعد اقتراح من قائد الجيش، وليس بمجلس الوزراء. وقال مقبل بعد لقائه رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان قبل ظهر أمس: «عقدت اجتماعاً دوريا مع الرئيس سليمان، وبحثنا في قضايا الساعة التي هي راهناً حساسة ودقيقة، إذ يجب قفل الحديث عن التعيينات والترقيات». وأكد أنه وسليمان على «توافق واتفاق تامين حول المواضيع التي سبق وطرحت، وتلك التي قد تطرح، وعند كل استحقاق حساس من واجباتي العودة الى الرئيس للتشاور معه، لأن خبرته طويلة، إن في قيادة الجيش أو في سدة الرئاسة، وهو يفوق في خبرته الكثيرين، ونحن نستنير بآرائه لاتخاذ القرارات الصائبة والواجبة، لاسيما على صعيد وزارة الدفاع». وسئل عن التحرك الشعبي الذي سيقوم به «التيار الوطني الحر» اليوم على طريق القصر الجمهوري، وهل من إجراءات متخذة؟ أجاب: «اتخذنا الإجراءات اللازمة، وليس وارداً أن يدخلوا القصر الجمهوري لأن حصول هكذا تصرف أمر غير منطقي وغير مقبول». وهل من جديد حول تسوية بالنسبة إلى الترقيات قال: «الموضوع انتهى، وعلى من يثير المسألة مراجعة قانون الدفاع الواضح جداً، الذي يقول إن الترقيات مرتبطة بوزير الدفاع، وهو الذي يقترحها». تجميد طويل للحكومة وتوقعت مصادر وزارية وأخرى مقربة من العماد عون ل «الحياة»، أن يترتب على انسداد أفق المخرج للخلاف على التعيينات في المناصب العسكرية تعطيلاً وتجميداً طويلين للعمل الحكومي نتيجة رفض عون البحث بأي بند في مجلس الوزراء قبل بت هذا الموضوع، وبالتالي رفض وزراء تكتله حضور اجتماع مجلس الوزراء لبحث أي موضوع آخر، وإصراره على أن يشترك هؤلاء الوزراء مع رئيس الحكومة تمام سلام في وضع جدول أعمال أي جلسة، وأن تكون التعيينات الأمنية بنداً أول، وتضامن وزيرا «حزب الله» معه إضافة إلى وزيري «المردة» و «الطاشناق». وقال زوار العماد عون أمس ل «الحياة»، إنه يحمّل مسؤولية التعطيل الحكومي للفرقاء الذين «لجأوا إلى مخالفة القانون بتأجيل تسريح قائد الجيش والضباط الآخرين من الخدمة بغية التمديد لهم في مناصبهم، وبالتالي فإنه لا حرج لديه في أن ينتظر من هؤلاء الفرقاء تصحيح هذه المخالفة». وأضاف زوار عون: «لم يعد يكترث لتسريح العميد روكز. وهو يعتبر أن الفريق الآخر تسبب بتعميم الفوضى باعتماد التمديد للضباط من طريق الوزير من دون العودة إلى مجلس الوزراء، وبات يحق لكل وزير الآن أن يقوم بما يراه مناسباً في وزارته ويتصرف على أنه رئيس جمهورية الوزارة». ويكرر محيط عون القول إن تأخير تسريح قهوجي جاء «مخالفاً للقانون، الذي أعطى هذه الصلاحية لوزير الدفاع إذا كانت تتناول ضابطاً ما نتيجة الحاجة وبناء لاقتراح قائد الجيش، فكيف يمكن أن يقترح القائد على الوزير تأخير تسريح شخصه؟». واستبعد زوار عون أن يعدل من موقفه الرافض حضور مجلس الوزراء بجدول أعمال عادي «إلا إذا عرض عليه الفريق الآخر مخرجاً يتناول تشريع قانونية الخطوات التي اتخذت سابقاً مع اقتراحات أخرى في شأن التعيينات العسكرية». وأضاف زوار عون: «سيصر على الشراكة في كل الأمور، ولن يقبل باجتماع الحكومة أو البرلمان من دون أن يكون له رأيه في جدول الأعمال. وحزب الله يتضامن معه، وعند الضرورة الرئيس نبيه بري سيكون له الموقف نفسه. وهو مطمئن لموقف الحزب». وذكر الزوار أن عون سيعكس موقفه هذا في خطابه اليوم أمام الحشد الذي يشارك في التجمع الذي دعا إليه لمناسبة الذكرى ال25 للهجوم السوري على القصر الرئاسي في بعبدا الذي كان يتحصن فيه حين كان رئيساً للحكومة الانتقالية، لإخراجه منه، والذي أعقبه نفيه إلى فرنسا مدة 15 سنة». وأشار الزوار إلى أن عون سيعلن موقفاً حازماً آخر لم يفصح عنه. وقال هؤلاء إن الفريق الذي لم يقبل بالتسوية معه استخدم الرئيس السابق ميشال سليمان واجهة للاعتراض على سلة المخرج التي كانت تتضمن ترقية روكز، والذي حصل بالصدفة على 3 وزراء في الحكومة، ولم يعد لموقفه أهمية بعدما ترك الرئاسة. واعتبر الزوار القول إن لا أحد يستطيع المونة على سليمان غير مقنع. وفيما تحدثت أنباء صحافية عن أن عون بات يعتبر تطورات الوضع الإقليمي لصالحه بعد اتصال أجراه معه الرئيس السوري بشار الأسد دعاه فيه إلى الصمود في موقفه، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عنه قوله في اجتماع لكوادر التيار أول من أمس إن «التغيير آت لا محالة، والانتظار لتحقيق ذلك ليس طويلاً، سيكون خلال شهر أو حتى أقل». وأضاف، ووفق ما نقل بعض المجتمعين ل «المركزية»، أن قضية ترقية العسكريين وتحديداً العميد روكز «باتت وراءنا، واليوم غير امس، وغداً لن يكون كما قبله، وما كان مقبولاً لن يعود كذلك، وما كنت أطالب به وأسعى إليه «سيترجوني» لقبوله. الظروف الإقليمية مريحة جداً وهي ستنعكس حتماً على الساحة اللبنانية والتفاهم مع «حزب الله» ثابت كما تلمسون، وهو اليوم أقوى». وقال عون، وفق الوكالة نفسها: «رهاننا لم يكن خاطئاً، سواء على مستوى الداخل أو الخارج. حتى أن المراجع الخارجية، السياسية وغير السياسية، باتت أكثر تفهماً وتعاطفاً معنا من الأيام السابقة.هناك البعض على المستوى الداخلي يغرد خارج إطاره وقفصه، وهذا سيتضح أكثر في الأيام والأسابيع المقبلة». النفايات أما على مستوى تنفيذ خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات، فقالت مصادر عون ل «الحياة» إنه قد لا يكون لديه مانع في اجتماع مجلس الوزراء لإقرارها بعد التعديلات عليها، خصوصا أنه سبق أن وافق على اجتماع الحكومة لهذا الغرض (حضر الوزير الياس بوصعب دون الوزير جبران باسيل) «لأنه لن يعترض على حصول مثل هذا الاجتماع لأجل قضية محددة، وطنية وملحة». لكن مصادر وزارية أبلغت «الحياة» أنه جرى إبلاغ رئيس الحكومة تمام سلام بأن أياً من وزيري عون لن يحضرا الجلسة التي قد يدعو إليها في شأن النفايات، لكن وزيري حزب الله والحلفاء الآخرين سيحضرون. يذكر أن دعوة سلام لجلسة كهذه الأسبوع المقبل مرهونة بحصول شهيب على جواب نهائي من «حزب الله» على إيجاد مكب للنفايات في منطقة البقاع الشمالي.