تحول السائل النفطي الخفيف اللزوجة منذ العام الماضي، هاجساً للعائلات السورية، بعد أن ارتفعت أسعار الوقود في شكل ملحوظ، ضمن إطار الخطة الحكومية لترشيد استخدامها. وارتفع سعر ليتر المازوت من 7 ليرات سورية إلى 25. وشكلت هذه الزيادة صدمة لمواطنين كثر، فمتوسط دخل الأسرة منخفض نسبياً، وهناك أسر كثيرة تعيش دون خط الفقر. وجاء الحل بتقديم الدعم للفقراء أو ما أطلق عليهم اسم «الفئات المستحِقة» لإعانتهم على الإحساس بالدفء بما لا يتجاوز حدود الدعم، ومن خلال ما سمي «قسائم المازوت». القسيمة التي تمكن المواطن من استبدال كمية معينة من المازوت بها، هي الشكل الأول من أشكال الإعانات، الذي اعتمد السنة الماضية عندما دعت وزارة الداخلية أرباب الأسر إلى مراجعة مراكز توزيع قسائم المازوت المدعوم في المحافظات، مصطحبين معهم البطاقة العائلية والهوية. وبالفعل، تحمل أرباب الأسر ساعات الانتظار الطويلة في طوابير تكاد لا تنتهي، للحصول على تلك الورقة التي تؤمن لهم كمية من الوقود لتدفئة زوجاتهم وأطفالهم. وبعد أن شمل التوزيع أكثر من 4.5 ملايين أسرة سورية، بحسب التصريحات الرسمية، سُجلت حالات اختراق، وضبطت 13 ألف حالة تزوير. وجاء البديل هذا العام نقداً، إذ تقرر تقديم الدعم للفئات المستحِقة عبر توزيع شيكات تُصرف نقداً تمكنهم من شراء المازوت. ولأن «الكاش» هو المسيطر، أصبحت الإجراءات أكثر تشدداً، وتمثّلت بسبعة شروط، أولها أن يحمل المتقدم «المسكين الحال» بطاقة عائلية وأن يكون عربياً سورياً أو بحكمه ويقيم إقامة دائمة في سورية وألاّ يتعدى الدخل المتاح له ولأفراد أسرته القاطنين معه 400 ألف ليرة سورية سنوياً، وأن لا يملك سيارة سياحية سعة محركها تفوق 1600 سنتيلتر، وليس لديه سجل تجاري أو صناعي أو زراعي أو سياحي أو عقارات سكنية أو تجارية، باستثناء منزل السكن الذي يقطنه، وأن لا يتجاوز متوسط إنفاقه وأفراد أسرته من الكهرباء والماء والهواتف الثابتة والنقالة 4500 ليرة سورية، هذا وقد أقر قانون توزيع دعم المازوت الصادر في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، عقوبات وغرامات بضعفي المبلغ الممنوح لمن يقدم معلومات مزورة للحصول على الشيكات. وفي حال استوفيت جميع شروط «فقر الحال» المطلوب توافرها في مستحق شيك المازوت، تبقى البطاقة العائلية هي الكلمة الفيصل في تقرير من يستحق ومن لا يستحق من أرباب الأسر. وأما ربات الأسر فلهن الاستثناءات التي حددتها التعليمات التوضيحية لقانون توزيع دعم المازوت، وهي أحد عشر استثناءً يبدأ كل منها ب «لا النفي»، وفي مقدمها «لاءات» النساء المطلقات والأرامل، إذ استهلت التعليمات التوضيحية ب «لا تستحق المطلقة التي ليس لها أب وأم وأخوة عازبون ولديها البطاقة العائلية لوالدها، لأن الشيكات تسلم لرب الأسرة الوارد اسمه في دفتر العائلة أو الزوجة في حال وفاة الزوج أو مرضه، وكذلك الحال بالنسبة الى أسرة المسافر التي لديها بطاقة عائلية وتقيم إقامة دائمة في سورية. ولا يستحق الأطفال القاصرون الذين ليس لهم بطاقة عائلية لوالديهما المتوفيين لعدم انطباق الشروط عليهم. ولا تستحق الأرملة التي لا تحمل بطاقة عائلية ولو كانت تقيم إقامة دائمة في سورية». استثناءات واضحة وصريحة تحرم أي مطلقة لها أب أو أم أو أخ ذكر عازب على قيد الحياة، وتحرم أيضاً العازبة التي تسكن بمفردها وليس لديها دفتر عائلة، والسورية المتزوجة من غير سوري، وجميع الأطفال السوريين الأيتام الذين لم يسجلوا لسبب أو لآخر في البطاقة العائلية، ناهيك باللقطاء ومجهولي النسب بحسب القانون، كما تتوسع الاستثناءات لتشمل المسن غير المتزوج الذي يقطن في غرفة وحده من دون معيل ومن دون دفتر عائلة، وأيضاً الأرملة التي ليس بحوزتها بطاقة العائلة. «البطاقة العائلية بقيت بحوزة زوجة زوجي الثانية لأنها الأخيرة»، تقول أم حسن، وهي أرملة أربعينية تعيل 6 أولاد. وتشرح: «هي استحقت الدعم على رغم أن ليس لديها إلا ولد، أما أنا فلا». وحال أم حسن نموذج عن مئات الحالات من النساء غير الميسورات اللواتي استبعدن ب «لا» أو بأخرى، من دعم دفء شيكات المازوت لهذا العام، وأجبرن على مواجهة برد الشتاء في العراء الموحش.