لسنوات كانت استشارية أمراض الجهاز الهضمي والكبد الدكتورة نوف، ينبوع عطف وحنان على المرضى صغاراً وكباراً. عرفت في أحد مستشفيات المدينةالمنورة الكبرى ب«الطيبة».كانت تحب الخير للجميع وتعطف على مرضاها، وتغدق حنانها على العجائز، كما كانت حريصة طوال عملها على احترام الجميع والمواظبة على العمل. إلا أن المرض لم يمهل الطبيبة الطيبة، فأقعدها عن ممارسة عملها الإنساني ورسالتها التي تعبت طوال حياتها في أدائها، بعد أن تجاوزت العقد الرابع من عمرها، بل وأجبرها على البقاء بين أربعة جدران في شقة قريبة من مقر علاجها في مدينة الملك فهد الطبية في الرياض. وبعد أن كانت تطوف المستشفى في قميصها الأبيض، لتتفقد المرضى وتواسيهم، سقطت الدكتورة نوف بين زملائها في المستشفى في حال إغماء، وأصبح المرضى في المستشفى يأتون إلى غرفتها لزيارتها والاطمئنان عليها، بعد أن اكتشف الأطباء إصابتها بسرطان المخ. تقول نوف: «بعد الكشف اتضح أن عندي السرطان في المخ وبعد إجراء تحاليل طبية عدة تبين أنني مصابة بأنيميا حادة، ولا يوجد لدي مخزون للحديد نهائياً، ونقلت من المدينةالمنورة إلى مدينة الملك فهد الطبية في الرياض وبدأت في مرحلة قاسية من العلاج»، موضحة أنه أجريت لها جراحة طبية في القلب، بعد أن أثبتت الفحوصات الطبية أن لديها مشكلة في أحد صمامات القلب. وتضيف بصوت حزين: «لم يخطر في بالي أن تصبح حالتي سيئة إلى هذه الدرجة، وقد عانيت كثيراً من عدم قدرتي على الحركة وارتفاع الحرارة واتضح أن لدي قصوراً في الكلى وتضخماً في الغدة الدرقية، إضافة إلى ما أعانيه حالياً من قصر شديد في النظر وتساقط في الأسنان»، لافتة إلى أن جراحة طبية لاستئصال الرحم ستتم الأسبوع المقبل. وتتابع: «تراكمت علي المصائب والمشكلات من كل اتجاه، فأنا مطلقة، وكنت أعيل أسرتي وحيدة، وفجأة فقدت ثلاثة من أبنائي في حادثة على طريق المدينةالمنورةوجدة السريع في عام 1416ه»، مشيرة إلى أن كل تلك المحن لم تزعزع من إيمانها بالله ورضاها بما قسمه الله لها ولابنتها التي تسكن معها، وتشاهد والدتها وما تفعله بها الآلام والأوجاع». ما أزعج الطبيبة المحبطة هو معاملة موظفي الخدمة الاجتماعية في مدينة الملك الطبية، «لم يراعوا أني كنت في يوماً ما طبيبة ومسؤوله عن مرضى وزميلة لهم، بل وصل الحد فيهم أن يرفعوا صوتهم علي ويسمعوني كلاماً جارحاً، غير آبهين بحالتي الصحية، فكيف إذاً تكون معاملتهم مع بقية المرضى»، مؤكدة بأن أحد الموظفين هدّدها عندما عاتبته على ضياع أوراقها. ولا تخفي الدكتورة نوف قلقها جراء تراكم الديون عليها، «ديوني قاربت ال200 ألف ريال، والآن لا نجد منزلاً نسكن فيه أنا وابنتي، فنحن مهددتان بالطرد من المنزل الذي استأجرته لنا جمعية السرطان، وأتمنى من المسؤولين في وزارة الصحة النظر إلى وضعي الصحي والمالي والنفسي بعين الاعتبار».