أدّت السيول التي جاءت نتيجة لهطول أمطار غزيرة على منطقة الريفييرا الفرنسية في مطلع الأسبوع الجاري إلى مقتل 19 شخصاً، الأمر الذي دفع الحكومة إلى إعلان المنطقة السياحية الواقعة في جنوب شرقي البلاد منطقة كوارث. وأسفرت السيول عن انقطاع موقت في التيار الكهربائي، وغمرت الأمطار الغزيرة منطقة الألب المتاخمة لإيطاليا، واجتاحت السيول بلدات المنطقة بما في ذلك منتجع كان وعطلت مسارات النقل. ونتيجة توقف الحركة على الطرق السريعة وخطوط القطارات، تقطعت السبل بمئات السياح ومعظمهم من أوروبا، فاضطروا إلى المبيت في مطار نيس الذي يوفر حركة النقل الجوي إلى المنطقة، واضطر البعض الآخر إلى المبيت في قطارات، فيما امتلأت الفنادق بمسافرين لم يجدوا مأوى. وأفادت تقارير بأن مياه الفيضانات جرفت سيارات إلى البحر وأغرقت مواقف تحت المباني، ما أدى إلى موت عدد من الاشخاص غرقاً. وليست هذه المرّة الأولى التي تحصل فيها فيضانات في فرنسا، بل لطالما عانت هذه المنطقة من فيضانات على مرّ التاريخ، إذ سبّبت الأمطار خلال ال 25 سنة الماضية في إقليم غارد جنوب البلاد، ثلاثة فيضانات أدّت إلى خسائر كبيرة. وفي العام 1988 دمّرت الفيضانات الناتجة من تراكم الأمطار التي تجاوزت 400 ملم مدينة نيم في منطقة غارد بشكل كامل، وتسببت في وقوع تسع حالات وفاة. وتأثرت منطقة غارد بأكملها في العام 2002 بفيضان كبير نتيجة تراكم الأمطار التي بلغ ارتفاعها 600 ملم في 12 ساعة، وتسببت في وفاة 24 شخصاً، بالإضافة إلى خسائر مادية قدرت ب 1.2 بليون. وسجلت منطقة جنوب غارد حدوث سيول في العام 2005 نتيجة تراكم الأمطار التي تراوحت بين 250 إلى 300 ملم. وشهدت منطقة فار السياحية جنوب شرقي فرنسا في العام 2010 أسوأ فيضانات منذ 200 عام، وخلفت ما لا يقل عن 19 قتيلاً و12 مفقوداً. وحوّلت الفيضانات الكاسحة التي وقعت بسبب الأمطار الشديدة شوارع مدينة دراغينيان إلى أنهار اكتسحت السيارات والأشجار والمنازل، وتسببت فى انقطاع الكهرباء عن 200 ألف منزل في منطقة فار، وضربت الفيضانات أيضاً بلدة فريجوس السياحية، ونقل أكثرمن 1500 شخص إلى مناطق آمنة عبر قوارب مطاطية وطائرات مروحية. وكانت أكبر الفيضانات في تاريخ فرنسا تلك التي اجتاحت العاصمة باريس في العام 1910، عندما ارتفع نهر السين نحو تسعة أمتار عن مستواه الطبيعي لمدّة أسبوع، واضطرّ سكان العاصمة إلى النزوح منها، وسُمي هذا الفيضان ب «الفيضان الكبير». واضطر سكان باريس في حينها إلى بناء جسور موقتة للعبور بين أحياء العاصمة، بالإضافة إلى الاستعانة بقوارب خشبية للتنقل، إذ تحولت شوارعها إلى أنهار صغيرة. واستمر فيضان نهر السين نحو أسبوع كامل، وتسبب في خسائر قدرت بحوالى 400 مليون فرنك، أي ما يقرب 1.5 بليون دولار في الوقت الحالي.