فتاة بثوب أبيض، تتجوّل بخيبة بين جدران أثرية، لتنتهي في صحراء خاوية، المشهد هو الأول من الأوبريت الغنائية «يا قدس»، التي قدمت في مؤتمر صحافي في دمشق تمهيداً لإطلاقها في حفلة تحتضنها «دار الأوبرا» غداً، ويتولى إخراجها السوري نضال سيجري. معالم العاصمة السورية (الجامع الأموي، مقهى النوفرة) تظهر بقوة في نسخة غير منتهية للفيديو كليب، ويرى القائمون على العمل أن «المدينة كانت المكان الأنسب للتصوير من ناحية الشبه، واستحالة الانتقال بطاقم العمل إلى مدينة القدس». في المشهد التالي المطربة السورية ميادة الحناوي بالثوب الفلسطيني تشدو بكلمات الفلسطيني رامي اليوسف الذي كتب العمل: «أزور القدس في حلمي وأمشي في أزقتها، أرى جدرانها تزهو وتحكي مجد قصتها، أرى غزلانها تمشي على حناء تربتها»، ويشاركها في الغناء مواطنها صباح فخري والعراقي سعدون جابر والتونسي لطفي بوشناق، أما التلحين فللموسيقي العراقي نصير شما. مدة كليب الأوبريت لا تتجاوز 12 دقيقة وفيها مقامات «رست»، و«بيات»، و«حجاز» و«كرد» أبرزت أجمل النوتات في الأصوات العربية الأربعة. يقول شما ل «الحياة: «لا نريد للكليب أن يكون عبئاً على القنوات العربية بمدة أطول»، مشيراً إلى أن النسخة المبدئية من الفيديو كليب لا توازي أبداً مستوى ما سيقدم غداً من غناء بمرافقة 125 صوتاً لآلة أوركسترالية ولاحقاً في كل من الإمارات وليبيا والدوحة عاصمة الثقافة العربية لهذه السنة. ويرى شما أن الوقت الطويل المستغرق في تلحين وإنجاز العمل مكنه من الثقة بنجاحه، حيث اختار أهم طبقات المطربين الصوتية لإبرازها: «بقيت مدة شهر ونصف شهر أعمل فقط على الجملة الموسيقية (أزور القدس في حلمي)». ويكشف شما عن نسخة أخرى من الأوبريت ستصدر بلغات أجنبية يشارك فيها مؤدي الفلامنكو الإسباني أنريكه مورينتي والتركيان زارا وإبراهيم طاطلوس، إضافة إلى مغن إيطالي ما زالت مشاركته موضوع نقاش. واعتبر الجابر أن أهمية موضوع «يا قدس» هي ما حفزه على المشاركة: «أكان العمل متواضعاً أم جيداً، فما يكفيني هو تناول القدس غنائياً»، واصفاً حال الوطن العربي ب «جبهة مقاومة ستنضج ضد المشاريع الصهيونية، ليكون المستقبل أكثر زهواً». الانتقادات حول نمطية التسجيل المرئي للأوبريت المفترض بثها على الشاشات العربية قريباً، لم تحمس مخرج الفيديو كليب محمد الشريف للتغيير في تركيبته البصرية المقترحة، فاكتفى بتبريرات حول رؤيته الشخصية قائلاً: «سأضيف مادة بصرية صورت خصيصاً للكليب في القدس، هذا أكثر ما أستطيع فعله»، مستبعداً فكرة إضافة صور وثائقية. ورد في المؤتمر الصحافي على تناوله قصة الكلمات بطريقة قريبة الى الفنتازيا: «لم أقترح في بداية الكليب قصة السندباد، عبرت بدقيقة ونصف دقيقة عن مراحل احتلال المقدس بدءاً بالروماني وانتهاء بالإسرائيلي»، مكملاً أنه أراد الابتعاد من المشاهد الدموية من خلال الرمزية. ويستحضر الكليب بصرياً شخصيتين تاريخيتين هما: صلاح الدين الأيوبي وعبدالقادر الحسيني. لن يكون ظهور الفنانين اعتيادياً على خشبة مسرح الأوبرا خلال إطلاق الأوبريت، فأبواب ترمز الى معالم مدينة القدس صممت لدخول الفنانين العرب الأربعة، بينما ستكسر الرقصات الشعبية الفلسطينية رتابة المسرح الكلاسيكي. وتقدم الأوبريت ضمن مهرجان خاص أخرجه الفنان السوري نضال سيجري، يُعرض خلاله فيلم وثائقي عن القدس من إنتاج قناة «الجزيرة»، إضافة إلى لوحة راقصة «عرس فلسطيني» تقدمها فرقة آرام الفلسطينية، وأخرى بعنوان «ياسمين الشام» كتحية من القدس إلى دمشق، كما يعزف نصير شما على العود منفرداً مقطوعة «أرض الإسراء»، يليها تكريم للفنانين المشاركين في الأوبريت من اللجنة الوطنية العليا لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية.