احتج أهالي مدينة النجف ومثقفوها على إزالة نصب ثورة العشرين في مركز المدينة، واعتبروا أن وراءه دوافع سياسية غرضها محو الآثار العربية. وقال العميد السابق لجامعة الكوفة حسن الحكيم إن «نصب ثورة العشرين يمثل حال الانسان العربي النجفي ومواقفه من الاحتلال وبطولاته». وأضاف الحكيم ل«الحياة» أن «هذا النصب يدل على (هوية) النجف، كما مرقد الامام علي». وكانت عمليات ازالة النصب بدأت خلال الأيام الماضية على رغم اعتراضات الأهالي، فيما كانت اعتراضات مشابهة أوقفت عمليات إزالة نصب ساحة اللقاء وسط بغداد بعدما وصلت عملية الهدم الى مراحل متقدمة. يذكر أن العراق شهد منذ عام 2003 حملة واسعة لإزالة نصب وتماثيل بحجة ارتباطها بفترة حكم النظام العراقي السابق. وأكد الباحث والاعلامي عماد جابر: «نعيش مراحل محو الذاكرة الجماعية وتغييب الروح الوطنية المستندة الى البناء الحضاري والثقافي المشترك». وأضاف جابر ل«الحياة»: «تعتز الدول التي قادت الغزو والاحتلال، وعلى رأسها أميركا وبريطانيا، بكل حجر وتمثال ونصب في ساحاتها العامة منذ عقود، لكننا نرى أن الدول ذاتها وبمساعدة وكلائها من العراقيين، تحمل المعاول لهدم الانجازات الفنية العامة والجداريات والنصب العراقية التي صاغتها أيادي الفنانين العراقيين في حقبات مختلفة من تاريخنا المعاصر». وتساءل: «لماذا ازدواجية المعايير؟ أم انها مسيرة الخراب الشامل يكملها الوكلاء بعدما فشل المحتل في التحقيق الكلي له، وكأن كل ما يدل على عصر يختلف عن عصرهم الحالي يشكل خطراً يجب ازالته من الوجود». وزاد: «كأن القيمة التاريخية للعمل الفني تهدد وجودهم الطارئ». يذكر أن النحات محمد علي الكوفي صمم نصب ثورة عام 1975، لكنه لم يكمله في شكل نهائي. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وفي آخر زيارة له الى النجف برفقة وزير البلديات رياض غريب، وضع حجر الاساس لإزالة نصب ثورة العشرين والاستغناء عنه بشوارع. وقال رئيس مجلس محافظة النجف فايد الشمري إن «أمر الازالة قرار من وزارة البلديات لكون المحافظة تستعد لاقامة مهرجان النجف عاصمة الثقافة الاسلامية لعام 2012». وأضاف الشمري في تصريح الى «الحياة» أن «الخيارات المتاحة أمامنا هي إما أن نزيل نصب ثورة العشرين أو جامعة الصدر أو جزء من مرقد شهيد المحراب محمد باقر الحكيم». وتابع: «في النهاية، وقع الاختيار على ازالة نصب ثورة العشرين وإبداله بشوارع». واقترح الشاعر والكاتب فارس حزام «اقامة نفق أو جسر معلق بدلاً من ازالة النصب»، مشيراً الى أن ذلك «يمحو ذاكرة مهمة من تاريخ العراق». وأكد رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة النجف محمد عايد الموسوي «ضرورة إنشاء شوارع في هذه المنطقة التي تعتبر التقاطع الرئيس لوسط مدينة النجف حيث تربط الطرق الواصلة من محافظات الديوانية وكربلاء مع المدينة، فضلاً عن ارتباطها بالمدينة القديمة التي تضم مرقد الإمام علي والطرق القادمة من قضاء الكوفة شمال شرقي المدينة». وأشار الموسوي إلى أن «الاقتراح الأول يتضمن إزالة النصب الموجود حالياً، والذي يشير إلى ثورة العشرين في صورة كلية واختيار موقع وفكرة جديدة للنصب، في حين الاقتراح الثاني يتضمن عملية تقطيع ونقل النصب الحالي بكامل هيئته إلى موقع جديد، وذلك لأن عدم اختيار أحد الاقتراحين، فإن المحافظة ستفقد فرصة كبيرة في الحصول على مشروع لإنشاء الشوارع في المنطقة وحل أزمة المرور التي تعاني منها المدينة».