بدأت الشكاوى تكثر أخيراً تجاه بطء الإنترنت في سورية، وسوء الخدمة محلياً، إذ أصيب كثيرون من مستخدمي الشبكة بخيبة أمل، خصوصاً مع تكرر الوعود في وسائل الإعلام عن عقود تطويرها، التي سرعان ما تليها أخبار عن إلغائها مع اتهامات لبعض الموظفين بالفساد. ويبقى واقع الإنترنت في سورية على ما هو عليه. وفي مثال معبّر، تحدّثت إحدى الصحف الرسمية عن التلاعب بدفتر شروط «الحل الإسعافي لمشكلة الإنترنت» وعن التأخر في الإعلان عن «الحل الجذري الشامل»، على رغم ان الحديث عن المشروعين انطلق في 2007. وطرحت الصحيفة أسئلة عن دفتر الشروط المُعدّل الخاص بمناقصة «التطوير الشامل للإنترنت»، الذي تأخر أكثر من عامين وثلاثة أشهر، إذ تعهدت مؤسسة الاتصالات بإعلان هذه المناقصة في خريف 2007. حال الإنترنت دخلت الإنترنت إلى سورية منذ 1990. وفي 2007، قدّر «الاتحاد الدولي للاتصالات» عدد مستخدمي الإنترنت هناك بنحو 1.5 مليون. وأشار وزير الاتصالات والتقنية عماد صابوني أخيراً أن قرابة 4 ملايين مواطن باتوا قادرين حالياً على الوصول، عبر طرق مختلفة، إلى شبكة الإنترنت. وعلى رغم أن عدد مشتركي الإنترنت في سورية مرتفع بالمقارنة مع إجمالي عدد السكان، فإن مستخدمي الشبكة، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود، يعانون من بطء سرعتها (مع تقطّعات متكررة في الخدمة) نتيجة وجود ضغط كبير عليها، يأتي من الزيادة المطردة في أعداد المستخدمين. وتقول وردة سلوم، وهي من مستخدمات الإنترنت، ممازحة: «لا يمكن وصف الوقت الذي نقضيه على الإنترنت بالوقت الضائع لأنك تستطيع في سورية أن تقوم بأي مهمة خلال فتح صفحة يزيد حجمها عن 800 كيلو بايت أو أثناء تحميل ملف حجمه 2 غيغابايت». أما إذا كان متصفح الشبكة ميسور الحال، فقد يتغلب على هذا الواقع، فيشترك بخدمة الإنترنت السريعة «إيه دي أس أل» التي تعطي سرعة اتصال مرتفعة، تبدأ ب266 كيلوبايت في الثانية، وتصل الى 8 غيغابايت. ولا يوجد في سورية سوى 50 ألف مشترك بالحزمة العريضة لحد الآن، بل أن الحصول على تلك الخطوط يجرى ب «الواسطة». وبحسب مصادر وزارة الاتصالات، تسعى الوزارة لرفع عدد مشتركي خطوط «إيه دي أس أل» ليصلوا إلى 100 ألف خلال فترة قصيرة، مع توجّه لرفع العدد عينه إلى 300 أو 400 ألف مشترك خلال ثلاث سنوات. وإذا كان الشخص صاحب مال وفير، فإنه يشترك بخدمة الجيل الثالث للخليوي، ما يعطيه إتصالاً يوصف بأنه جيّد مع الإنترنت عبر شبكات الهاتف النقّال. اتهامات متبادلة ويرجع أحد المسؤولين عن خدمة الإنترنت في «المؤسسة العامة للاتصالات»، سوء الخدمة إلى شركات القطاع الخاص التي تستثمر الشبكة بأكبر عدد مستخدمين. ويقول: «تملك المؤسسة البنى التحتية والمشغّل الأساسي للشبكة، وهي المسؤولة عن تطويرها وتحسين وضعها... ينحصر دور القطاع الخاص في استثمار هذه الشبكة، كما يلعب دوراً كبيراً في إغراق السوق بالبطاقات، ويعمل على استغلال الشبكة وتشغيلها لمصلحته بالطاقة القصوى، لأن مزود الخدمة الخاص يسعى للكسب المادي السريع، بغض النظر عن وضع الشبكة في شكل عام، بل يعمل على الضغط بطرق عدة ليضيف المزيد من المستخدمين». في المقابل، يرى وزير الاتصالات السوري عماد صابوني أنه «لم يعد الإطار التشريعي الذي يحكم قطاع الاتصالات في سورية، يفي بالتطور الذي شهده هذا القطاع في السنوات الأخيرة»، مؤكداً الحاجة إلى إطار تشريعي جديد يعالج المشكلات المتنوّعة مثل الترخيص للعمل في هذه السوق، ومشكلة الخدمة والتقنيات التي تطرأ وغيرها. ويرى بعض المراقبين أن العمل في قطاع الاتصالات يسير في شكل بطيء، لأنه يرتبط بالقوانين القديمة، خصوصاً القانون 51 الخاص بالعقود، والذي يجرى الحديث عن قرب تعديله. تكلفة الخدمة وجودتها وتعتبر خدمة الإنترنت في سورية مرتفعة التكلفة، بالمقارنة مع دول المنطقة. وتؤكد دراسة مقارنة لهيئة تنظيم الاتصالات أن تكلفة الإنترنت على المواطن في سورية هي الأعلى عالمياً. وترجع الدراسة هذا الأمر إلى البطء الشديد في الشبكة والانقطاع المستمر، ما يجعل إنجاز الأعمال عليها مستلزماً أضعاف الوقت المماثل في بلدان أخرى. ويسأل بعض المراقبين إن كان قطاع الإنترنت يواكب مرحلة التحوّل الاقتصادي في سورية وجذب الاستثمارات إليها. والجدير بالذكر أن المؤسسة العامة للاتصالات، خصصت في خطتها الاستثمارية للعام الجاري نحو 500 مليون ليرة سورية (الدولار 47 ليرة) من أجل تنفيذ مشروعات لمنظومة الإنترنت. وكذلك جرى الحديث عن توسيع البوابة الدولية للإنترنت، واستكمال تنفيذ العقد الخاص بتأمين 33 ألف بوابة تعمل بالإنترنت السريعة. في المقابل، ثمة خشية من أن تكون هذه الوعود كسابقاتها، التي لو تم تطبيقها لكانت خدمة الإنترنت في سورية من أفضل الخدمات عالمياً.