قلل أعضاء مجلس النواب العراقي من التوقعات المتفائلة التي أعلنتها وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، بارتفاع إنتاج العراق من النفط ليصل إلى 5 ملايين برميل يومياً، مؤكدين أن أسعار النفط الحالية وإمكان تراجعها مستقبلاً لن يترك لخزينة الدولة سوى مبلغ زهيد من عائدات البيع التي ستحصل الشركات النفطية الاستثمارية على الحصة الأكبر منها. وتوقعت «موديز» أن «يرتفع إنتاج العراق من النفط بمعدل 10 في المئة سنوياً ليصل إلى نحو 5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2019، بالتزامن مع انتعاش النمو غير النفطي بدءاً من 2016، ما سيساعد على رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى نحو 8 في المئة سنوياً بين عامي 2016، و2019». وأشارت «موديز» في بيان إلى أن «الاقتصاد العراقي يعاني من عدم التنويع، إذ يشكل النفط 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 100 في المئة من الصادرات، كما يهيمن القطاع العام على القطاع غير النفطي، وشكّل التصنيع والبناء 10 في المئة فقط من الناتج عام 2014. والعام الماضي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العراق 2.1 في المئة، مدفوعاً بانكماش حاد في النمو غير النفطي، في حين واصل الإنتاج النفطي نموه بنحو 4.5 في المئة. وتضررت الإيرادات الحكومية العراقية بسبب انخفاض أسعار النفط منذ منتصف 2014، إذ يشكل النفط نحو 90 في المئة من إجمالي الإيرادات. وتتوقع «موديز» أن «تتراجع الإيرادات الحكومية في العراق 35 في المئة العام الحالي مقارنة بعام 2014، ليرتفع عجز الموازنة إلى 18 في المئة من الناتج». وعلى رغم نمو صادرات النفط العام المقبل، فإن العجز المالي سيظل عند نحو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتشير الوكالة إلى أن من شأن تمويل هذا العجز أن يرفع نسبة الدين الحكومي إلى نحو 79 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2016، متوقعة تراجع نسبة الدين الحكومي إلى أقل من 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2019، بفضل ارتفاع أسعار النفط وإنتاجه، ومع ذلك، ستظل الإيرادات الحكومية عرضة لتقلبات أسعار النفط. ووفق المراجعة الإحصائية التي أصدرتها شركة «بي بي» عن أوضاع الطاقة في العالم للعام الحالي، بلغ احتياط العراق النفطي المؤكد 150 بليون برميل عام 2014، ما يمثل 8.8 في المئة من الاحتياط العالمي، ليحتل المرتبة الخامسة في العالم. عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية نورة البيجاري أكدت في حديث إلى «الحياة» أن زيادة إنتاج النفط لن يكون له تأثير إيجابي في اقتصاد العراق لكون هذه الزيادات تعني زيادة في حصص الشركات المستثمرة حقول النفط، والتي تحظى بنسبة عالية من الأرباح الصافية. وقالت أن «الأسعار الحالية للنفط في الأسواق العالمية جعلت الربح الصافي لخزينة الدولة لا يتجاوز 22 دولاراً في البرميل الواحد بعد احتساب نصيب الشركات الأجنبية وأيضاً تعمد الجهات المسؤولة عن البيع خفض الأسعار إلى أقل من الأسعار العالمية لضمان سرعة البيع». ولفتت إلى أن «الحكومة مطلوب منها تأمين مبلغ 65 بليون دولار لسد النفقات التشغيلية، وهناك متطلبات المعركة مع الإرهاب التي تستنفد 30 مليون دولار يومياً، والحل الأمثل سيكون عبر إيجاد عائدات إضافية لخزينة الدولة لضمان سد العجز». ودعا عضو البرلمان عن محافظة البصرة، عبدالسلام المالكي، الحكومة «إلى عدم اعتماد موازنات عالية لا تستطيع الوفاء بها لأن ذلك سيوقعنا في المشاكل ذاتها التي نعاني منها حالياً». وكشف المالكي عن وجود نوايا حكومية لإعادة هيكلة النظام الاقتصادي المحلي، وقال: «حتى الآن الدولة في حالة تخبط ما بين النظام الاشتراكي ونظام السوق، ومن غير الممكن تطبيق نظامين مختلفين في دولة واحدة، وهذا ما تسبب في قلة إيرادات القطاعات الخدماتية الحكومية، وهنا ستبدأ الحكومة بخصخصة بعض القطاعات مثل الطاقة والبلديات، وسيحصل المواطن على ما يحتاج من خدمات متميزة بأسعار زهيدة جداً، المهم أن يكون هناك عائد لدوائر الماء والمجاري والخدمات والكهرباء تساعدها على إعادة استثمارها في مشاريع تطويرية». وأعلن عضو اللجنة المالية النيابية، سرحان أحمد، أن موازنة 2016 المرسلة من وزارة المال إلى مجلس الوزراء لا تختلف عن موازنة عام 2015 من حيث البنود والفقرات. وقال أن «موازنة عام 2016 لا تختلف إلا من حيث الأرقام»، مشيراً إلى أن «نسبة الإيرادات النفطية في موازنة 2016 بلغت 69 تريليون دينار والإيرادات العامة 84 تريليوناً». وبيّن أن «موازنة 2016 حددت سعر برميل النفط عند 45 دولاراً فيما بلغ إجمالي صادرات النفط 3.6 برميل يومياً». وأردف: «مجلس النواب ينتظر من مجلس الوزراء إرسال موازنة عام 2016 إليه لدراستها، ومن ثم طرحها للقراءة الأولى والمناقشة، ومن ثم القراءة الثانية والتصويت». وأوضح أحمد أن «التصويت على الموازنة العامة لعام 2016، يستغرق مدة غير قصيرة».