قُتل أمس ستة جنود في هجوم بالرصاص شنه مسلحون مجهولون على قوة مكمن للجيش تتمركز على أطراف القاهرة، في تصعيد للهجمات «الإرهابية» ضد قوات الأمن في العاصمة المصرية، إذ إن هذا الهجوم يأتي بعد يومين من هجوم آخر استهدف حافلة للجيش في منطقة قريبة من تلك التي شهدها حادث أمس. وجاء مقتل الجنود الستة في وقت أعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» مقتل زعيمها بانفجار عرضي لقنبلة كان يحملها إثر تعرضه لحادث سير. وحمّل الناطق باسم الجيش المصري العقيد أحمد محمد علي جماعة «الإخوان المسلمين» التي نعتها ب «الإرهابية» مسؤولية مقتل الجنود الستة، على رغم أن جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تتمركز في سيناء أعلنت في بيان مسؤوليتها عن قتلهم. وأوضح البيان العسكري للناطق باسم الجيش أنه عند الساعة الخامسة فجراً هاجم مسلحون مكمناً لعناصر الشرطة العسكرية في منطقة مسطرد (شرق القاهرة)، عند بداية طريق القاهرة - الإسماعيلية الزراعي، ما أدى إلى مقتل ستة مجندين. وبدا من الحادث أن المهاجمين متمرسون ولديهم تدريب عالٍ، إذ إنهم تمكنوا من قتل قوة المكمن بكاملها (ستة جنود)، وهو ما أظهر وجود فجوة أمنية فسّرها البيان العسكري بأن الهجوم جاء متزامناً مع «انتهاء الجنود من أداء صلاة الفجر». وأوضح مصدر أمني ل «الحياة» أن أربعة مسلحين نزلوا من سيارة يستقلونها على مقربة من مكان المكمن، وأمطروا الجنود برصاص أسلحة آلية، ما أدى إلى مقتل قوة المكمن بكاملها، وأشار إلى أن أفراد أمن خاص موكلة إليهم حراسة أحد المصانع القريبة من مكان الحادث، أدلوا بشهادات وأوصاف السيارة المستخدمة في الحادث. وفيما قال البيان العسكري إن المهاجمين زرعوا عبوتين ناسفتين إلى جوار المكمن لاستهداف أي قوة آتية بتعزيزات، أظهرت صور التقطت لمكان الحادث، أدخنة نتيجة انفجار ما. لكن المصدر الأمني أوضح ل «الحياة» أن قوات الحماية المدنية فجّرت عبوة ناسفة ثالثة بعدما فشلت في تفكيكها، ما نجم عنها انبعاث أدخنة. وتفقد مدير إدارة الشرطة العسكرية اللواء أركان حرب جمال شحاتة مقر حادث مكمن نقطة مسطرد. وأمر شحاتة بنشر قوات إضافية حول النقطة وتمشيط موقع الحادث، إلى جانب تكثيف الوجود على مختلف نقاط الشرطة العسكرية في القاهرة الكبرى. وأفيد بأن النيابة العسكرية «تولت التحقيق في الحادث حيث أجرت معاينة مبدئية لموقع الحادث للوقوف على ملابساته والطريقة التي وقع بها، قبل أن تستمع إلى روايات شهود عيان، وعناصر الحماية المدنية وخبراء المفرقعات» الذين أبطلوا مفعول عبوات ناسفة تم زرعها قرب موقع المكمن المستهدف. وتعهد الناطق باسم الجيش بأن هذه العمليات الإرهابية الجبانة «لن تزيدنا إلا إصراراً على مواصلة الحرب على الإرهاب، وملاحقة العناصر الإجرامية المسلحة». فيما جدد رئيس مجلس الوزراء المصري إبراهيم مِحلب عزم بلاده على المضي قدماً في جهودها للقضاء على الإرهاب، معرباً عن إدانته للعمل «الإرهابي». وشدّد محلب، في بيان، على «أن الدولة ماضية في عزمها على بتر يد الإرهاب ومنعها من العبث بأمن الوطن والنيل من عزيمة أبنائه وإصرارهم»، مؤكداً «أن الدولة ستبذل كل جهودها لسرعة ضبط الجناة المنفذين لهجوم مسطرد وتقديمهم إلى العدالة». ونعت وزارة الداخلية «شهداء القوات المسلحة»، وأكدت في بيان مواصلة «الحرب لاستئصال الإرهاب الأسود، وجماعات الظلام التي تهدد أرواح المصريين». وأثار الهجوم الإرهابي غضباً شعبياً، إذ تظاهر مئات الأهالي من سكان منطقة الحادث، مرددين هتافات مطالبة ب «إعدام الإخوان»، فيما تم نقل جثامين القتلى إلى مستشفى القبة العسكري، قبل أن يتم نقلها إلى محافظاتهم وهم أربعة مجندين من محافظة سوهاج، ومجند من المنوفية، وآخر من بني سويف. وأجريت لهم جنازات عسكرية شهدت هتافات مناوئة ل «الإخوان». في موازاة ذلك، أعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تستلهم نهج تنظيم «القاعدة» وتبنت غالبية العمليات الإرهابية التي جرت في البلاد منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، مقتل أحد مؤسسيها الأسبوع الماضي في حادث سير، وقالت إنه شارك في محاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم حصلت لدى خروجه من منزله في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) في آب (أغسطس) الماضي. وقالت الجماعة في بيان بث على موقع جهادي تابع لها: «ننعى بكل حزن وأسى إلى أمتنا المسلمة وأهلنا في مصر القائد المجاهد الزاهد الورع (أبو عبدالله) توفيق محمد فريج والذي قضى نحبه الثلثاء في حادث سير انفجرت على إثره قنبلة حرارية كان يحملها فتوفي متأثراً بجروحه». وكان وزير الداخلية قال في مؤتمر صحافي مطلع العام: «إن فريج هو قائد أنصار بيت المقدس» في مصر وعرض صورة له وناشد المواطنين الإدلاء بأية معلومات تفيد في ضبطه. وأوضحت جماعة «أنصار بيت المقدس» في بيانها: «كان (فريج) من المؤسسين الأوائل للجماعة وشارك وقاد كثيراً من العمليات التي قامت بها الجماعة»، وأضافت: «رحل إلى أرض الكنانة بداية عام ،2013 واستقر فيها وتولى الإشراف على فرع الجماعة هناك»، كما قام «بعمليات كثيرة ضد نظام العمالة والخيانة»، وكان من أهمها محاولة اغتيال وزير الداخلية. كما أشارت إلى أنه كان صاحب فكرة تفجير خطوط الغاز المتجهة إلى إسرائيل، وقائد إحدى عمليات القصف الصاروخي التي استهدفت ميناء إيلات الإسرائيلي انطلاقاً من سيناء. وكانت قوات الجيش المصري كثفت في الشهر الأخير من عملياتها الأمنية على مناطق شمال سيناء، بهدف تطهيرها من البؤر الإرهابية وتدمير الأنفاق الحدودية مع قطاع غزة. وقال مصدر عسكري مسؤول ل «الحياة» أمس إن عمليات الجيش في شمال سيناء حققت خلال الأيام الأخيرة «نتائج نوعية»، مشيراً إلى أن قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أحمد وصفي موجود حالياً على رأس الحملات في مدينة العريش، بهدف «تأكيد التكتيكات الاستراتيجية وسير العمل من جهة والوصول إلى أقصى درجات التأمين للمنطقة العازلة بعمق 500 متر وبطول 13.5 كلم على طول خط المواجهة مع قطاع غزة، وصولاً إلى تطهير المنطقة تماماً من العناصر الإرهابيين والجماعات المتشددة والمسلحة». وأشار المصدر إلى «تمكن قوات الجيش بالتعاون مع رجال المهندسين العسكريين من تدمير 1273 نفقاً منذ كانون الثاني (يناير) 2013 من إجمالي 1280 نفقاً تم رصدها بالأقمار الاصطناعية». وقالت مصادر أمنية بشمال سيناء أمس إن قوة أمنية أوقفت «شخصين أحدهما طالب والآخر عاطل يقيمان في مركز بئر العبد (غرب العريش) لاتهامهما بالمشاركة في واقعة اقتحام قسم شرطة رمانة عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة» في صيف العام الماضي. في غضون ذلك، حددت محكمة استئناف القاهرة يوم 27 الشهر الجاري لبدء محاكمة 188 شخصاً أمام محكمة الجنايات بتهمة ارتكابهم «جريمة اقتحام مركز شرطة كرداسة، وقتل مأمور المركز ونائبه و12 ضابطاً وفرداً من الشرطة». وقال رئيس المكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة المستشار مدحت إدريس: «إن محاكمة المتهمين ستجرى أمام الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات الجيزة، وتضمّن أمر الإحالة («قرار الاتهام») في القضية 143 متهماً محبوسين احتياطياً على ذمة القضية، والأمر بضبط وإحضار 45 متهماً آخرين هاربين وتقديمهم للمحاكمة».