لا نعرف على وجه التحديد، من كان وراء إشاعة فكرة أن رواج الدراما التركية الواسع النطاق جاء بشكل أو بآخر نتيجة استخدام اللهجة الشامية المحكية فيها. هذه الإشاعة جعلت القائمين على عمليات دوبلاج المسلسلات التركية يقدّمون بعض الإعلانات التجارية لبعض نجوم هذه المسلسلات بنفس اللهجة مثل إعلان (مهند) عن مؤتمر المياه الذي عقد قبل فترة في مدينة اسطنبول التركية، وتعدى الأمر ذلك وصولاً إلى إعلانات أخرى لممثل تركي مجهول لم يشاهده أحد من قبل في أي من هذه المسلسلات. وكان لافتاً استخدامه اللهجة الشامية الى درجة أنه استخدم كعلامة في عالم الإعلان على رغم أنه عُرّف فقط ب «ممثل تركي». كان يكفي أن يكون الممثل الاعلاني تركياً وشبيهاً بمهند حتى يتولى عملية الترويج للمنتج التجاري الذي لا يشكل هنا ضالتنا، وإن كان يقودنا إلى الفكرة التالية: فقد «اكتشف» أحد المخرجين السوريين البارزين أن معظم الممثلين السوريين الذين قاموا بعمليات الدوبلاج عاطلون من العمل تقريباً ولا أحد يعرفهم، وبالتالي فإن شهرة الدراما التركية لا يمكن أن تكون ناتجة من عملهم عليها، فهم لم يضفوا أي شرعية جمالية عليها. إذ كونهم غير معروفين لا يقلل من قيمة الموهبة بالطبع، فمعظمهم من الخريجين الجدد الذين لم يجدوا موطئ قدم لهم في عالم التلفزيون والشهرة والمال، وبعضهم لم يجدّ بالانتساب إلى شلة فنية ليضمن عمله مع هذا المخرج أو ذاك، معظمهم أجّلوا تثبيت قيودهم الفنية حتى إشعار آخر ريثما تبتسم لهم الحظوظ أو تكشر، وكل حسب شطارته وجهده ووعيه وادراكه لما يدور حوله. ومن هنا فإن ما قاله المخرج المعروف مثير وصادم، وهو الذي قد حقق في أوقات سابقة الكثير من المسلسلات واعتبر مبرزاً في مجاله، وتم استبعاده بحسب تصريحاته هو من قبل بعض الأوساط المنتجة. صادم بعض الشيء لأنه يحمل في طياته بعض الغرور والتعالي. فقد يكون صحيحاً أننا لم نتعرف على وجوه هؤلاء المغمورين الذين قاموا في أوقات تبطلهم الإجبارية بارتكاب مثل هذا (الإثم الفني)، ولكن هذه حال الدنيا. ولنتذكر أن أشغال دوبلاج الأصوات مارسها الكثير من النجوم قبل أن يحظوا بالشهرة والمجد، وبعضهم ما زال يجد متعة لا توصف بالوقوف وراء الميكرفون ليحيي هذه الشخصية الكرتونية أو تلك على رغم شهرته الواسعة، من دون أن يخطر ببالنا للحظة أن فلاناً من النجوم هو من يقف وراء هذا الصوت إن لم نقرأ اسمه في نهاية أو بداية الفيلم بعكس ما قاله المخرج من أن عمليات الدوبلاج لا يقوم بها عادة الممثلون المعروفون. من حق هذا المخرج أن يدافع عن مكانه، بخاصة إذا عرفنا أنه هو نفسه استبعد من الأوساط الدرامية السورية الى درجة أن مكانته أضحت مهددة بالكامل ما اضطره إلى البحث عن مشاريع درامية عربية خفت بريقها، فتقدم هو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه المشاريع المتعثرة. هذا حق من حقوقه وله أن يدافع عن مكانه ومكانته، ولكن لا بأس بالتنازل قليلاً عن الصلف في التعاطي مع مجموعة من شباب وشابات بدأوا حياتهم المهنية متعثرين.