شيّعت ظهر أمس في مقبرة العالية في العاصمة الجزائرية جنازة المدير العام للأمن الجزائري العقيد علي تونسي الذي اغتيل الخميس على يد أحد أكبر مساعديه. وتم إلقاء النظرة الأخيرة صباحاً في المدرسة العليا للشرطة في «شاتونوف» (في العاصمة) على نعش الراحل قبل أن يوارى التراب في جنازة مهيبة حضرها مئات من إطارات الدولة وآلاف المعزّين. وبدأت التحقيقات تأخذ مجرى معمقاً حول الجاني المشتبه فيه العقيد المتقاعد ولطاش شعيب الذي يتردد أنه يخضع لعلاج مكثف لدى أطباء مختصين، بعدما جُرح وهو يحاول الانتحار. وتتردد معلومات عن أن العقيد شعيب كان محور تحقيقات متعلقة بالفساد. وعيّن وزير الداخلية والجماعات المحلية العميد الأول في شرطة عفاني عبدالعزيز مديراً عاماً للأمن الوطني في شكل موقت خلفاً للراحل. وشغل عفاني منصب رئيس الشرطة القضائية في المديرية العامة للأمن التي جاء إليها بعدما شغل المنصب نفسه في ولاية بومرداس (50 كلم شرق العاصمة). ويُنظر إليه على أنه واحد من أكفأ إطارات الشرطة في مهمات «مكافحة الإرهاب». ونقل جثمان تونسي، صباحاً، إلى المدرسة العليا للشرطة في العاصمة لإلقاء النظرة الأخيرة عليه. وكان أعضاء الحكومة وموظفو الأمن الوطني وإطارات الدولة وأعضاء عائلة الراحل حاضرين في قاعة الشرف للمدرسة لتلقي التعازي بتونسي الذي توفي أول من أمس الخميس عن عمر يناهز 73 سنة. وشُيّعت جنازة العقيد تونسي الذي يوصف بأنه أحد أهم رجالات النظام منذ تاريخ استقلال الجزائر في 1962، وسط حضور لافت لوجوه سياسية وعسكرية ومدنية جزائرية بارزة. وتقدّم الشخصيات المعزية وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني. وأقامت السلطات الجزائرية موكباً جنائزياً عسكرياً مهيباً، وحضر الجنازة جميع وزراء الحكومة والوزير الأول أحمد أويحيى. وأجريت مراسم الدفن بحضور جمع غفير من المواطنين يتقدمهم رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح ورئيس المجلس الدستوري بوعلام بسايح وأعضاء من الحكومة. كما حضر الجنازة مسؤولون كبار في الجيش الوطني الشعبي وإطارات الأمن الوطني إلى جانب رفاق السلاح وشخصيات وطنية وعائلة الفقيد. وكان علي تونسي وهو من مواليد 1937 مجاهداً من الرعيل الأول وشغل غداة استقلال الجزائر مناصب عليا عديدة. فقد التحق الفقيد المعروف باسم «سي الغوتي» والحاصل على شهادة ليسانس في الحقوق، بصفوف جيش التحرير الوطني عام 1957 وعمره لم يتجاوز 20 سنة حيث كان لا يزال طالباً في ثانوية مكناس (المغرب). وفي عام 1959 وقع الفقيد أسيراً لدى جيش الاستعمار وكان آنذاك برتبة ملازم في الناحية الخامسة (سيدي بلعباس) التابعة للولاية التاريخية الخامسة. وبعد استقلال الجزائر أشرف علي تونسي على إنشاء وتنظيم مصالح الأمن العسكري وهو المنصب الذي تولاه إلى غاية سنة 1980. كما شغل الفقيد منصب مدير الرياضات العسكرية إلى غاية سنة 1984 ثم تولى منصب مدير المدرسة العسكرية لعلوم مساحات الأرض حتى سنة 1986. وكان الراحل أحد الفاعلين والمسيّرين للحركة الرياضية الوطنية حيث شغل منصب رئيس الاتحادية الجزائرية للتينس لمدة خمس سنوات قبل أن يشغل منصب نائب رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية. وبعدها عُيّن قائداً للناحية العسكرية الرابعة قبل أن يحال على التقاعد برتبة عقيد في 1988. واستدعي علي تونسي سنة 1995 ليعيّن على رأس المديرية العامة للأمن الوطني التي أشرف على إدارتها إلى غاية وفاته. وقالت وزارة الداخلية إن علي تونسي توفي صباح الخميس خلال جلسة عمل «قام خلالها أحد إطارات الشرطة - يبدو أنه أصيب بنوبة جنون - باستعمال سلاحه حيث أردى العقيد تونسي قتيلاً».