نادراً ما تلجأ المرأة اليمنية إلى عيادات الكشف المبكر عن سرطان الثدي، إلا بعد شعورها بآلام لا تحتمل معها البقاء مستسلمة، وإن كانت تهمل تكتلات غريبة تظهر على ثدييها. وما لا تنتبه إليه اليمنيات أن سرطان الثدي لا ينتظرهن حتى يتجاوزن الأربعين ليصيبهن، كما ينتظرنه حتى يتمكن منهن، ما يجعل الحل الوحيد للخلاص منه هو الاستئصال الكلي للثدي. ويصف الاختصاصيون حضور المرأة اليمنية لإجراء الفحص المبكر لسرطان الثدي من باب الاطمئنان، على نفسها ب «النادر»، مؤكدين أنها لا تأتي لإجراء فحص إلا بعد شعورها بآلام شديدة، وإن ألحت الطبيبة النسائية عليها لإجرائه. ويرى هؤلاء أن السبب يكمن في ضعف وعي النساء بسرطان الثدي، وبأنه المرض الذي يتربع على عرش السرطانات التي تصيب قاعدة كبيرة من اليمنيات ممن هن في سن أقل من 30 عاماً، بما يخالف فكرتهن عن انحسار إمكان إصابة المرأة بسرطان الثدي بتجاوزها سن الأربعين. وتقول الدكتورة منى الراعي، نائبة رئيس «مركز الحياة لسرطان الثدي»: «تعتبر النساء في اليمن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي في سن مبكرة، بين ال20 – 30 سنة، قياساً بما تشير إليه الدراسات عالمياً من أن النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الذي بعد سن الأربعين». ولا يختلف الوضع في اليمن لجهة الفئة العمرية المعرضة للإصابة فقط، لكن الدراسات على المستوى العالمي تجمع على أن النساء المرضعات هن الأقل إصابة بسرطان الثدي، في حين تؤكد احصاءات غير رسمية، أن المرضعات في اليمن يسجلن أكثر حالات الإصابة. وتقول الراعي: «هذا التناقض مع ما هو معروف يستلزم إجراء دراسات دقيقة تبحث في الأسباب، بخاصة أن أعداد المصابات بسرطان الثدي في اليمن في ارتفاع مستمر، فمن خلال عملنا في هذا المجال يتبين أن بين كل أربع نساء توجد امرأة مصابة بسرطان الثدي في اليمن وهي نتيجة مرعبة». ويُرجع المختصون هذا الاختلاف مع الوضع العالمي إلى أسباب يرون أن لها خصوصية يمنية وهي تعاطي النساء للقات وما يرافقه من تناول السجائر وتعرضهن للمبيدات الحشرية بخاصة في الأرياف، والتي تسجل فيها النساء النسبة الأعلى بين المصابات بسرطان الثدي في اليمن ناهيك بعدم اهتمام النساء بتغذيتهن، وقلة الوعي بما يتعلق بالطرق السليمة للرضاعة الطبيعية، أو أسباب أخرى. وإن كانت لا توجد دراسات علمية تخص «سرطان الثدي» في اليمن، إلا أن الدراسات المنفذة في ما يخص السرطان بصورة عامة أجمعت على أن المبيدات الحشرية المستخدمة للنباتات والقات والسجائر من المسببات الرئيسة لانتشار أنواع مختلفة من السرطانات في اليمن، ما يدفع المختصين إلى اعتبارها من المسببات الرئيسة لسرطان الثدي. ولأن السرطان بصورة عامة مرض مكلف مادياً، وارتبط في ذهن الناس بارتفاع تكاليف علاجه، فإن المرأة حتى وإن علمت بإصابتها بسرطان الثدي قد تمنعها ظروفها المادية الصعبة من المطالبة بمعالجتها. وتقول الراعي: «تصلنا حالات الإصابة بسرطان الثدي في مراحل متأخرة، فالناس تترسخ في ذهنيتهم التكلفة المالية العالية لعلاج السرطان، لذا نحن نقدم كل خدماتنا في مركز الحياة للكشف المبكر عن سرطان الثدي بصورة مجانية ونروّج لذلك». ويجتهد القائمون على مثل هذه المراكز أو في العيادات التي تتضمنها المستشفيات على تنفيذ حملات توعية يستهدفن من خلالها طالبات المدارس والجامعات أو التجمعات النسائية في المناسبات الدينية مثل رمضان للدفع بهن إلى إجراء الفحص المبكر لسرطان الثدي، لتفادي تعرضهن في حال إصابتهن لعمليات الاستئصال الكلي، أو العلاج الكيماوي والذي لا تزال تكاليفه المالية مرتفعة جداً في اليمن.