لم تعرف غالبية السعوديات الاستقلال المالي والاستغناء عن المعيل أو الجمعيات الخيرية التي قد تؤمن لهن القليل مما يكفيهن العوز، خصوصاً منهن اللواتي لا يمتلكن دخلاً ثابتاً، لكن في السنوات القليلة الماضية تمكنت سعوديات عدة من خوض مجال العمل والنجاح، فيما تكفلت الدولة ببعضهن واستطعن الاستفادة من نظام "حافز" (برنامج وطني لإعانة الباحثين عن عمل) الذي وفر لهن دخلاً ثابتاً. وربما يعود نجاح بعض السعوديات في سوق العمل إلى زيادة الوعي، وتوفير الدولة لهن وظائف في القطاعات المختلفة، وازدياد حاجة السوق السعودي إلى المرأة في غالبية القطاعات التي تناسب طبيعتها والأعراف والتقاليد المحافظة، ما جعلهن يتغلبن على الظروف التي قد تواجههن من تسلط المجتمع سواء من الاهل او الزوج، حتى ان بعض ربات البيوت ارتفع مستواهن المعيشي بعد العمل. وتقول سيدة الأعمال السعودية شيخة الدوسري التي تعمل في مجال تصميم الأزياء ان "المرأة بطبيعتها صبورة وتمتلك روح المغامرة، وهو ما يساعدها على النجاح. لقد شعرت بكياني واستقلاليتي ومساواتي مع الرجل بعدما خضت مجال العمل الذي أحبه". وتضيف الدوسري أن "العمل جعلني لا أحتاج إلى معيل حينما غيّب الموت زوجي. استقلالي المال حفظ كرامتي وحماني من طمع الآخرين". وترى ان "دخول المرأة إلى سوق العمل سيدر عوائد اقتصادية عالية على الدولة، وسيؤدي إلى تحريك عجلة التنمية في البلاد". وتوقعت أن يتم "الاستغناء عن العاملات الأجنبيات في السنوات القليلة المقبلة، بعدما استطاعت المرأة السعودية اثبات قدرتها على تحمل المسؤولية، وخصوصاً في الظروف القاسية". وتنصح الدوسري المبتدئات وسيدات الأعمال "بالحصول على دورات تدريبية، والعمل على تثقيف النفس وصقل الموهبة بالعلم والتجربة والخبرة والعلاقات الجيدة في مجال تخصصهن، والتعرف إلى مجموعات سيدات الأعمال، والتواصل مع الغرف التجارية السعودية"، معتبرة أن الخبرة التي اكتسبتها من الغرف التجارية، ساعدتها على النجاح. من جهتها، تؤيّد الطبيبة السعودية دانية وقاص الاستقلال المالي للمرأة، مشيرة إلى أن "الدين الإسلامي كفل لها هذا الحق بأن وكرمها أفضل تكريم، وجعل للمرأة ذمة مالية مستقلة وأعطاها حقوقها كاملة". وتعتبرأن "تعليم المرأة واستقلالها المالي هو أقوى ما يمكن أن تتسلح به لتحقيق حال من التوازن داخل الأسرة والمجتمع، بعدما بات ضرورياً تسلح المرأة بما يقيها من نوائب الدهر". وترى مها الزهراني،مصممة اكسسوارات، أن "المرأة عموماً خياراتها محدودة إما موظفة وإما ربة بيت، ولكن تطبيق مفهوم عمل الأسر المنتجة كان قفزة نوعية لجهة الدخل، على رغم أنه مصدر غير مستقر، لكنه يحقق للمرأة الاستقلال والأمان المالي". ومن واقع تجربتها، تشير الزهراني إلى أن الاستقلال المالي ساعدها "على التطور، نتيجة التخطيط والتسويق وتنمية القدرات المهنية والعقلية، خصوصاً وانه غير مقيد بروتين او تسلط أحدهم ". وتشجع الزهراني الفتيات اللواتي يفكرن في العمل من المنزل مسوقات او تاجرات، معتبرة أن "النساء في مرحلة إبراز قدراتهن على خوض سوق العمل، خصوصاً بعدما يسرت عليهن الجهات الرسمية وبعض الجمعيات الأخرى ذلك، وأمنت لهن دخلاً مستمراً يعزز مكانتهن اجتماعياً واقتصادياً". من جهتها، تقول المدربة ومطورة البرامج الإدارية وفاء محمد العريني، ان "المرأة السعودية حريصة على تطوير ذاتها، سواء على الصعيد الشخصي او المهني، وهو ما يتضح من اقبالهن الشديد على مشاريع دعم التوظيف للمرأة، وبرامج تأهيل طالبي العمل، المدعومة من الحكومة، والتي تساهم في رفع كفاءاتهن من خلال برامج تثري خبراتهن وتزيد من فرص توظيفهن". وتضيف أن "الدعم المادي واللوجيستي يتزايد في قطاع الأعمال، خصوصاً من حاضنات الاعمال السعودية، وبرامج المسؤولية الاجتماعية في الشركات المحلية الرائدة". وتلفت إلى أن "التجارة الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ساعدت الكثير من سيدات الأعمال أصحاب المشاريع الصغيرة على الانتشار والتسويق لمشاريعهن والبيع عبر الانترنت، إضافة إلى التواصل مع العملاء بسرعه وفعالية".