إنني أرثي لحال الوطنية حينما يزعم التشبث بها والمزايدة عليها بعض من تستضيفهم البرامج الحوارية التي تشعر احياناً أن لا فرق يذكر بينها وبين المشاكسات التي تحدث في بعض المجالس الخاصة، حتى انني اصبحت أعطف على «لاري كنج» الذي اصبح له زملاء مهنة رغماً عن أنفه. عبدالعزيز قاسم احد ابرز مقدمي البرامج الجدد، وهو رجل لا انكر أنه استطاع الحضور يوماً ما في الصحافة الورقية، ولكن عليه أن يدرك ان لكل فن اهله، وأن النجاح في مجال لا يعني على الاطلاق النجاح في مجال آخر ما لم يتمكن صاحبه من أدواته ويحقق جميع شروطه، فلا يمكن أن ينجح مقدم برنامج فكري من دون الحياد الذي يبدو أن بينه وبين قاسم «وقفة نفس»، فقاسم احياناً لا يحاور وإنما يفرض رؤيته على ضيوفه، كما أنه في احيان أخرى يتحدث اكثر منهم. وعوداً الى ضيوف مثل هذه البرامج الحوارية نجد أن معظمهم ليسوا بأحسن حالاً من مضيفيهم، ففي أحدها كان الضيف في برنامج قاسم هو عوض القرني بالمشاركة مع جمال خاشقجي، وقد أكد الأول كعادته وعادة اقرانه بأنه لا مكان لغير الإسلامويين في المملكة التي قامت على الاسلام، ومن حسن الحظ انه لم يقل إنهم شركاء في الحكم مع ان كبيرهم الذي نشر صحوتهم قال ذات يوم إن ولاة الامر هم الأمراء والعلماء! بعد ذلك اللقاء قال القرني: «إنني استطعت التفوق وبتقدير امتياز ونسبة تصل الى 99 في المئة»! وهذا يعني أن الظهور في برنامج فكري حواري بالنسبة له هو مبارزة لا بد ان يكون فيها منتصراً ومهزوماً، أو انتخابات عربية يكون فيها ملهماً واحداً فقط. الغريب أنه وفي التصريح نفسه الذي أعلن فيه فوزه بتلك النسبة المدوية أضاف بأنه سيترك الحكم على أدائه للناس وللتاريخ، إذ قال: «لا استطيع ان احكم لنفسي لأنه من المعروف لا يمكن يحكم الإنسان لنفسه»! ألم تقل يا شيخ أنك انتصرت فما بالك – رعاك الله - لم تترك الحكم للناس والتاريخ منذ البداية! القرني أيضاً تمنى على صحافتنا وإعلامنا أن تخدم ديننا ومجتمعنا وبلادنا ووطننا بعيداً عن خلق التوترات والكوابيس واستيراد الافكار التي خيمت على العالم ونحن في غنى عنها. «عفواً» يا شيخ ولكني سأستحلفك بربك أن تخبرني مَنْ الذي خلق ولا يزال يخلق التوترات في هذا المجتع المسالم؟ ومَنْ الذي يتحين الفرص ليشتم هذا ويخون ذاك؟ ومن الذي يصنف الناس بلا هوادة؟ ثم هل لك ان تخبرنا يا شيخ عن ذاك الذي ألف مطوية سميت كتاباً قسمت المجتمع الى فسطاطين ولا يزال مجتمعنا يعاني من آثارها الى اليوم؟ وهل سبق ان رأيت زميلك في الفكر محمد النجيمي عندما يمتطي صهوة فرسه الحربية قبل المشاركة في أي برنامج حواري، أو هل قرأت ردوده المتشنجة على مخالفيه؟ أو لم تقرأ لزملائك أمثال سليمان الدويش وغيره عندما يكتبون ويتحدثون مما يعف القلم الرصين عن ذكره؟ ثم تأتي يا دكتور بعد كل هذا وتنصح وسائل الإعلام بالكف عن خلق التوترات وأنت تعلم جيداً من الذي يخلق التوترات في هذا المجتمع. وأخيراً، أراك يا شيخ تتمنى ايضاً أن نتوقف عن استيراد الأفكار التي نحن في غنى عنها. حسناً يا شيخ، فلماذا لا تبدأ بنفسك وتتخلى عن هذا اللقب الذي يسبق اسمك «دكتور»، فهو من الأفكار المستوردة من الغرب وأنت في غنى عنه، أم أن للضرورة أحكاماً؟ يؤسفني ان أقول إنكم أنتم - وليس الإعلام - الذين برعتم في خلق التوترات منذ ثلاثة عقود... أليس كذلك؟ [email protected]