حذّر خبراء قطاع الأسمدة من التحديات الاقتصادية والسكانية المقبلة، على رغم الإنجازات «الهامة» التي حققها المنتجون في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العقد الماضي. وأشار أحدث تقارير الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا)، إلى أن المنتجين في دول الخليج حققوا نمواً قدره 102 في المئة منذ عام 2004، ليصل إجمالي الطاقة الإنتاجية إلى 40.9 مليون طن من الأسمدة. وواصلت هذه الصناعة بطابعها التصديري، بتصدير 22.9 مليون طن من منتجات الأسمدة عام 2014 إلى أسواق متنوعة، بينها أميركا الشمالية، وآسيا، وشرق آسيا، بإيرادات قدرها 6.5 بليون دولار أميركي. وعرض «جيبكا» التقرير خلال انعقاد الدورة السنوية السادسة من مؤتمره السنوي للأسمدة. وقال رئيس لجنة الأسمدة في «جيبكا» المدير العام لشركة قطر للأسمدة الكيماوية (قافكو) خليفة السويدي، في كلمته خلال المؤتمر: «تعتبر دول الخليج مصدراً رئيساً لمادتي «اليوريا» و«الأمونيا» على مستوى العالم»، لافتاً إلى أن منتجي البتروكيماويات في الخليج يتمتعون بأفضلية إمكان الحصول على الغاز بأسعار منافسة، التي تحافظ على «هامش ربح صحي». وتوقع السويدي نمو صناعة الأسمدة بمعدل 1.8 في المئة سنوياً حتى العام 2018، على مستوى العالم. واستدرك بالقول: «هناك تحديات جلية تلوح في الأفق»، متوقعاً أن «يبلغ عدد سكان العالم 9.7 بليون نسمة بحلول العام 2050، بزيادة قدرها 7 بلايين عن عددهم اليوم، وستأتي هذه الزيادة بمعظمها من دول آسيا وأفريقيا. ويعتبر تأمين الغذاء الضروري لهؤلاء السكان من أكبر التحديات التي يواجهها قادة العالم اليوم». وقدر أن إنتاج الأغذية يجب أن يرتفع بمعدل 70 في المئة، لتوفير الغذاء الضروري، على رغم أن إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة سيرتفع بنسبة 5 في المئة فقط خلال الفترة ذاتها». وتوقع أن تواجه مؤسسات إنتاج الأسمدة الإقليمية، المملوكة بمعظمها من الحكومات، «تحديات اقتصادية مقبلة». وتابع: «تشهد الطاقة الإنتاجية العالمية للأسمدة زيادة متنامية، ما قد يدفع دول الخليج لزيادة المعروض، وبالتالي خفض الأسعار». وأشار السويدي إلى تحدّ جديد يتمثل في «الاتفاق النووي مع إيران، ما يعني زيادة حجم النفط المصدّر إلى أسواق العالم، وبالتالي انخفاض أسعار النفط في الدول الخليجية». وذكر أحد كبار المديرين التنفيذيين في رابطة صناعة الأسمدة الدولية (IFA)، أنه «على رغم النقص الوشيك في الطاقة الإنتاجية على المدى الطويل، ستبقى الأسمدة مادة أساسية لبقاء الجنس البشري». وقال مدير قسم الخدمات الزراعية في رابطة صناعة الأسمدة الدولية باتريك هيفير: «سيكون من الصعب توفير الغذاء لما يزيد على 4 بلايين شخص من دون الاعتماد على الأسمدة. وسنحتاج إلى 1.2 بليون هكتار من الأرض لإنتاج الحبوب فقط، في حال عدم وجود الأسمدة، ونحن لا نملك هذه المساحات الهائلة». بدوره، قال الأمين العام ل«جيبكا» الدكتور عبدالوهاب السعدون: «حققت صناعة الأسمدة في الخليج العربي كثير من الإنجازات البارزة خلال العقد الماضي، إذ تقدر قيمة القطاع بعدة بلايين من الدولار، ويعمل ضمنه 51 ألف موظف. وفي ظل التحديات الاقتصادية والسكانية المتنامية، فإن عهد النمو الهائل في القدرة الإنتاجية والأرباح المرتفعة بدأ يتراجع، إذ بات بإمكان المنافسين الحصول على الغاز بأسعار معقولة أيضاً، وهي من أهم الميزات التي خدمت قطاع الصناعات البتروكيماوية في منطقتنا لفترة طويلة». وأضاف السعدون: «يتوجب على منتجي الأسمدة في دول الخليج البحث عن سبل لتنويع محفظة منتجاتهم، لتشمل منتجات متخصصة ذات قيمة عالية»، موضحاً أن «المنطقة تسير في الطريق الصحيح، نحو التغلب على هذه التحديات، خصوصاً مع إطلاق مشروع «وعد الشمال للفوسفات» في السعودية، واستمرار نمو صناعات الأسمدة التخصصية». واستقبلت الدورة السادسة من مؤتمر «جيبكا» للأسمدة 318 من خبراء القطاع من 34 دولة حول العالم لمناقشة الاستراتيجيات الفعالة لإنتاج الأسمدة والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي العالمي، وبناء مستقبل مستدام.