إذا أردت أن تتساءل عن سبب تفوق أي ناد، فابحث عن الإدارة فهي المنطلق الأول للنجاحات، وما يأتي بعدها هو امتداد لنجاحاتها، وهنا لا نسلب أعضاء الشرف أو الجماهير أو النجوم أو الأجهزة الفنية حقها، ولكن المقدمة الرئيسية لأية قصة ناحجة هي الإدارة. تعالوا معي نتابع معاً ما فعله الهلال هذا الموسم، ونحاول أن نتلمس أسرار النجاح، فالهلال ناد كبير وناجح، ولكن هذا لا يعني أن تاريخه العريق سيحقق له النجاح وحده، فقد جاء رؤساء في فترات «زرقاء» ولم يحققوا النجاح المطلوب، لن نتحدث عن الماضي، ولكننا سنتحدث عن إدارة عبدالرحمن بن مساعد، التي تعاقدت منذ فترة كافية مع المدرب غيريتس، ومنحته كل الصلاحيات من الألف إلى الياء وليس نصفها أو ربعها أو حتى 10 في المئة منها كما قد تفعل بعض الإدارات، في الوقت ذاته عيّنت مديراً للكرة لديه الخبرة الكافية، ومنحته أيضاً كل الصلاحيات، فكان التناغم بين الطرفين كبيراً، وكانت الإدارة المظلة لهما في كل المشكلات التي واجهتهما، فكانت تقف معهما ضد أي طرف آخر مهما كان، سواء أكان مسؤولاً إدارياً في النادي أو نجماً في الميدان، فالكلمة كانت للمسؤولين الإداري والفني. وفي الميدان، تعاقدت الإدارة الهلالية مع أفضل اللاعبين، بدءاً بويلهامسون أو ترمومتر الفريق، الذي أتذكر أن التعاقد معه صاحبه الكثير من القيل والقال حول قيمة الصفقة، لكن ها هو النجم «الأشقر» يسدد فواتير صفقته الواحدة تلو الأخرى، وما زال في جعبته المزيد، ووجود مثل هؤلاء اللاعبين في الملاعب السعودية مكسب كبير ليس للهلال فحسب، بل وللمنافسات السعودية ككل، أضف إليه نيفيز ورادوي والكوري لي يونغ، ومن الواضح أنها اختيارات فنية بحتة لا علاقة لها بإداري «يسعى» وراء رضا الجماهير أو تحقيق مكاسب شخصية أو ينتقي «خبط عشواء»، أو بناء على وجهة نظر شخصية. الأبرز في الإدارة الهلالية أنها الأقل مشكلات بين غيرها من الأندية، والأميز أن الرئيس ليس محور النادي إن غاب أضاع النادي طريقه أو تذبذب مؤشر تفوقه، بل هو عمل مؤسسي عناصر النجاح فيه سلمت مفاتيحها إلى أصحاب «الشأن» فنياً وإدارياً، فأضحى الرئيس مرتاح البال والضمير حتى وإن كان في أقاصي الأرض، فالنادي لا يتأثر بغيابه، فها هو الهلال يحقّق لقب كأس ولي العهد ورئيسه في أميركا، وهنا لا أقلل من جهود نائب الرئيس الأمير نواف بن سعد الذي لم يكن غيابه هو الآخر إبان وجوده في الخارج مؤثراً في الفريق، وهذه هي الإدارة وفنونها إن غاب ربان تسلم الدفة ربان آخر، وحاملو الأشرعة والمجدفون هم المسؤولون عن أعمالهم «المتخصصة» من دون تدخل أو تأثير، ولذلك فالسفينة ترسو دوماً على ميناء «البطولات والذهب». [email protected]