حوّل "كتاب حقائق العالم" الصادر عن "تجمع الاستخبارات الأميركية" (آي سي) عملية التعرف على الدول إلى أمر في غاية السهولة. إذ يجمع الكتاب المعلومات الأساسية الموّثقة عن غالبية الدول التي تعترف بها الولاياتالمتحدة، وعددها 267 دولة، في مكان واحد، ويتضمن معلومات عامة وحديثة عن كل منها. وتعود فكرة الكتاب إلى الحرب العالمية الثانية، حين برزت الحاجة إلى معلومات دقيقة عن بلدان صغيرة في تلك الفترة، وتحديداً في العام 1941، بعدما نفذت اليابان هجومها الشهير على القاعدة الأميركية العسكرية "بيرل هاربر". وأرادت الولاياتالمتحدة حينها الرد على الهجوم، وتنفيذ عمليات ضد معسكرات "دول المحور" في مناطق وجزر صغيرة، ولم تكن المعلومات الدقيقة عنها متوفرة، حينها اضطرت الحكومة الأميركية إلى جمع المعلومات من جهات مختلفة، ما أدى إلى تضارب المعطيات، بالإضافة إلى تضييع الكثير من الجهد. على الأثر، قررت واشنطن أن امتلاك المعلومات عن الدول الأجنبية. وشكلت لجنة لدرس الأمر، وأوصت اللجنة في العام 1943 بإنشاء جهاز استخباراتي- دراسي مشترك لتنسيق وتسجيل ونشر نتائج الدراسات التي تحمل معلومات دقيقة عن جميع الدول، على أن يحمل الجهاز اسم "مركز دراسات استخبارات الجيش البحري المشترك" (جاينس). وفي البداية، كانت نتائج دراسات اللجنة سرية، لكن في العام 1955 أرسلت إحدى اللجان الرسمية تقريراً للكونغرس يشير إلى أن المعلومات الواردة في دراسات "جاينس" هي غير ذات قيمة عالية، لأنها معلومات مُستقاة من المنشورات الرسمية للدول، ويُمكن لأي شخص الوصول إليها بسهولة. حينها، تحولت الدراسات إلى "كتاب حقائق العالم" الذي تقرر أن يجمع بداخله المعلومات الأساسية عن الدول، منها على سبيل المثال لا الحصر شكل العلم وعدد السكان والجغرافيا ونظام الحكم، وهي أمور لا تعتبر من الأسرار بالنسبة للدول. وصدرت النسخة الأولى من الكتاب في العام 1962. وفي العام 1975، سُمح لعامة الناس بشرائه، وتقرر في العام 1981 أن يصبح منشوراً يتجدد سنوياً، وذلك حتى العام 2010 حين تقرر أن تصبح عملية تجديده أسبوعية. ومنذ العام 1997، أصبحت عملية شراء الكتاب وقراءته الكترونياً متاحة. ولا يضع ناشرو الكتاب أي حقوق للنشر، فباستطاعة الجمهور الوصول إلى المعلومات الموجودة فيه بمجرد شرائه، ونسخها واستخدامها، فيما يحظر استخدام شعار مؤسسة "سي اي" الموجود على صفحاته. وحالياً، يتم جمع المعلومات في الكتاب بالتعاون مع مجموعة كبيرة من المؤسسات الحكومية الاميركية، بالإضافة إلى جمع معلومات موجودة في مطبوعات صادرة عن المؤسسات الرسمية ومراكز الإحصاء المعتمدة لدى الدول. ويتم استخدام الكتاب من قبل الحكومة الأميركية والعلماء والكُتاب والمؤرخين الباحثين عن معلومات محدثة وموثقة، إذ إنه بمثابة مرجع دولي متميز. يذكر أن "سي آي" هي عبارة عن تجمع يضم 17 جهاز استخبارات مستقل، يعملون معاً لتنفيذ أعمال استخباراتية خاصة بالعلاقات الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة.