ماثيو شديد هو حفيد الكاتبة والشاعرة المصرية الجذور أندريه شديد، ونجل المغني لوي شديد الذي لمع في مطلع ثمانينات القرن العشرين والذي لا يزال يكتب ويلحن ويغني. وليُثبت ماثيو أن الابن سرّ أبيه، صار يؤلف للوي أغنيات ويخرج له أفلام فيديو قصيرة تصطحبها. ولكن هذا النشاط لا يعتبر الوحيد الذي يؤديه ماثيو، فهو يلمع بمفرده كنجم مرموق في دنيا الغناء الإستعراضي، منذ أكثر من 15 سنة. واستطاع أن يكوّن لنفسه شخصية فنية فريدة من نوعها، بدءاً من مظهره الخارجي بتسريحته الجنونية وزيّه المناسب لها الأشبه إلى حد ما بذلك الثوب الأبيض من قطعة واحدة من الأعلى إلى الأسفل، الذي كان يرتديه الراحل إلفيس بريسلي في عز أمجاده. لكن شديد لا يقلد بريسلي في الحقيقة، بل يستوحي منه ومن غيره من الفنانين الذين أثاروا إعجابه في طفولته وحثّوه على خوض غمار الفن الإستعراضي المخالف كلياً للأسلوب الذي طالما اعتنقه والده لوي شديد والذي يتلخص منذ بدايته في الغناء الهاديء المتزن. لقب ماثيو نفسه ب «M» وهو الحرف الأول من إسمه. كما جعل آلة الغيتار ذات اللون الأحمر التي يعزف عليها تُرسم على شكل هذا الحرف. ويحب «M» أو ماثيو الجوّ العائلي الذي تربى في كنفه. وهو يلجأ إلى أخويه لمشاركته في العزف بين أفراد الفرقة التي ترافقه في الحفلات، بينما تشاركه أخته الكبرى في الغناء وسط الكورس، وتتولى الأخت الصغرى الإهتمام بقسم العلاقات العامة في الفرقة. أما زوجته جولييت ديشان وهي حفيدة نجم الفكاهة الفرنسي الراحل جاك تاتي، فأوكل إليها إخراج الإستعراضات وتصويرها بالفيديو. لكن ماثيو ارتأى أخيراً تغيير اسمه مرّة جديدة إلى «مستر ميستير» أي «الرجل الغامض»، تزامناً مع الاستعراض الجديد الذي يقدمه حالياً في فرنسا ليجول به مدن أوروبية وكندية عدّة في الفترة اللاحقة. ويظهر ماثيو في هذا الاستعراض مرتدياً سترة بيضاء وبنطلوناً أسود، مع تسريحة أكثر جنوناً من السابقة كونها ترتفع بعدة سنتيمترات فوق رأسه. ثم يتخلى في الجزء الثاني عن كل ذلك ليغنّي بمظهر تقليدي عادي، ما يُشكل صرعة في حد ذاته بالنسبة لجمهوره الذي لا يتوقع منه مثل هذا التحول أبداً. ويصرح شديد بأن تنكراته السابقة كانت تهدف في كل الحالات إلى العثور على حريته المطلقة كفنان إستعراضي. ويشير الى أنه نضج الآن وأدرك أن حريته المزعومة تكمن في نفسه، وأنه لا يحتاج إلى تلك التغييرات في مظهره الخارجي. وهو يتخلى إذاً أمام جمهوره في النصف الثاني من العرض، عن مظهره الجنوني السابق، ليقف على المسرح ببدلة عادية ولكن بفنه المطلق غير المتأثر بحكاية الشكل الخارجي. والشيء الوحيد الذي لم يغيره، هو العزف على آلة الغيتار نفسها التي تتخذ شكل حرف «M» والتي تحمل تسمية «تاناغرا». وإستناداً إلى فكرة أتت بها زوجته، يتنقّل ماثيو على الخشبة في إستعراضه الجديد، مثل الدمية التي تُحرّك من الأعلى بالحبال. وتطلّب الأمر تدريباً شاقاً من قبل الفنان الذي راح يتبع مجموعة من الحصص في مدرسة متخصصة ومشهورة في باريس، يتخرج فيها عادة البهلوانات والممثلون الصامتون. وتأتي النتيجة مجزية بما أن الجمهور يصفق طويلاً ل «الرجل الغامض» عقب كل سهرة.