حمّلت حركة «حماس» جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد) المسؤولية المباشرة عن «جريمة» اغتيال القيادي في الحركة محمود المبحوح في دبي الشهر الماضي، نافية أن تكون حمّلت السلطة الفلسطينية أو حركة «فتح» المسؤولية عن هذه الجريمة. جاء ذلك في حين أكد قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان في تصريحات صحافية أنها رصدت اتصالات هاتفية بين المشتبه بهم تدين «موساد». واعتبر القيادي في «حماس» الدكتور صلاح البردويل أن «العدو الصهيوني وقع في ورطة كبيرة، وفشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه، وانقلب سحره عليه، إذ يواجه اليوم فضيحة لا تقل عن فضيحته في تقرير غولدستون»، في إشارة إلى اكتشاف شرطة امارة دبي أفراد المجموعة التي نفذت عملية الاغتيال في 20 الشهر الماضي. وذهب الى أن «العدو الصهيوني فقد ملامح الصورة التي استطاع بخبثه رسمها في أذهان كثير من شعوب العالم، وسيظل ملاحقاً من كل الجهات. وتبدلت الصورة لتصبح صورة الارهابي البغيض المجرم». وقال البردويل خلال مؤتمر صحافي عقده في غزة أمس: «نحمّل موساد الصهيوني المسؤولية المباشرة عن جريمة اغتيال الشهيد المبحوح على أرض عربية، وعليه أن يتحمل تبعات جريمته كاملة عاجلاً أم آجلاً». وأضاف: «على رغم ضلوع عدد من الجنسيات الأوروبية وعدد من عناصر حركة فتح في هذه الجريمة، إلا أننا في حماس نعتبرهم جميعاً عملاء لموساد لا نعفيهم من العقاب، لكن لا نعفي موساد من مسؤوليته الكاملة عنهم كعملاء يعملون لمصلحته». وزاد: «ننتظر نتائج التحقيق، ولنا الحق كأولياء لدم المبحوح في ذلك»، معرباً عن أمله في أن «تتعاون الامارات معنا لكشف تفاصيل الجريمة، وأن نتبادل المعلومات المهمة، ولدينا ما ندلي به». ودعا «الدول الأوروبية التي شارك عملاء يحملون جوازاتها في الجريمة، إلى موقف جدي لملاحقة هؤلاء المجرمين الإرهابيين وملاحقة قادة موساد الذين انتهكوا حرمة بلادهم للتخطيط لهذه الجريمة». كما طالب الدول العربية «بالتعامل مع القضية في جدية تامة، واتخاذها موقفاً قوياً تجاه انتهاك العدو الصهيوني حرمة الدم الفلسطيني والعربي، وحرمة سيادة وأمن دول عربية من خلال ارتكاب الجريمة على أرضها». ودعا المجتمع الدولي إلى «ملاحقة قادة الاحتلال كمجرمي حرب ارهابيين يعرضون استقرار الشعوب والدول للخطر والإرهاب». ورفض توجيه أصابع الاتهام الى «فتح» أو السلطة، لكنه طالب «فتح» بالكف عن «المهاترات الإعلامية التي تحاول حرف البوصلة عن اتجاهها وتضليل التحقيق والمساهمة المجانية في إعفاء الاحتلال من مسؤوليته عن هذه الجريمة الوطنية، لأن الذي اغتال المبحوح هو الذي اغتال الشهيد (ياسر) عرفات والشهيد (خليل الوزير) أبو جهاد وجميع الشهداء الذين طاولهم الإرهاب الصهيوني». ووصف «استعمال عناصر فلسطينية من فتح في تنفيذ عملية اغتيال المبحوح» بأنه يهدف إلى «تكريس الانقسام، وامتداد لعملية التنسيق الأمني التي تهدف الى شق الصف الفلسطيني». ولفت إلى أن «التحقيقات ستكشف إن كانا (العنصران الفلسطينيان المشاركان في الجريمة) شاركا في شكل فردي أو بتعليمات من قيادات فتحاوية». ورداً على سؤال، رأى أن «المصالحة لن تتأثر بهذه العملية». وتوعد اسرائيل برد على هذه الجريمة من دون أن يوضح طبيعته أو مكانه أو زمانه. وقال إن لدى «حماس» مسلكين في التعامل مع هذه الجريمة «الأول المسلك القانوني، إذ سنستغل كل الإمكانات القانونية من خلال توكيل محامين للوصول إلى الجناة ومحاكمتهم، والثاني مسلك الجزاء من جنس العمل، إذ سيتلقى العدو جزاءه لقاء هذا الفعل». ورداً على سؤال إن كان المبحوح يتنقل من دون حراسة أمنية لحمايته، قال البردويل إن «الشهيد المبحوح اتصل بأهله في غزة من دمشق، وأبلغهم بأنه سيتوجه في القريب إلى إمارة دبي في مكان وزمان محددين». وأضاف أن «حجز تذكرة الطيران وغرفة الفندق تم عبر الانترنت»، مشيراً الى أن التكنولوجيا التي تمتلكها اسرائيل في «مراقبة الاتصالات والهواتف مكنتها من إنجاز عملية الاغتيال». وشدد على أن من الصعب أن «نحكم بوجود قصور أمني قبل استكمال التحقيقات». واعتبر أن «هذه الجريمة أخذت أبعاداً متراكمة، فهي عدوان على الشعب الفلسطيني ورموزه وقادته بهدف تركيعه والقضاء على مقاومته وتصفية قضيته، وهي عدوان على الأمة العربية من خلال انتهاك حرمة الأرض العربية وأمنها، خصوصاً دولة مستقرة آمنة مثل الإمارات». ورأى أن هذا العدوان على الامارات يهدف الى «زعزعة أمنها واقتصادها». وفي هذا السياق، أكد قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان رصد اتصالات هاتفية تدين «موساد» في قضية اغتيال المبحوح. وأوضح في تصريحات لصحيفة «البيان» أن «من الأدلة الجديدة التي تمتلكها شرطة دبي لادانة موساد وتأكيد تورطه في عملية اغتيال المبحوح في دبي، الاتصالات الهاتفية بين المتهمين، والتي رُصدت فعلاً». وأكد امتلاك شرطة دبي معلومات مؤكدة عن شراء بعض الجناة تذاكر طيران من احدى الشركات في دول أخرى ببطاقات ائتمانية تحمل أسماءهم نفسها التي كُشف عنها». واعتبر أن ذلك «يدل على أن الجناة استخدموا جوازات السفر ذاتها في التنقل بين أكثر من دولة»، مؤكداً مجدداً أن «موساد متورط بنسبة 99 في المئة» في اغتيال المبحوح. إلى ذلك، ذكرت مجلة «دير شبيغل» الالمانية في عددها الذي يصدر غداً أن جواز السفر الالماني الذي استخدمته المجموعة التي اغتالت المبحوح، هو وثيقة قانونية سُلمت إلى حامل جواز سفر اسرائيلي. وبحسب المجلة، سُلم جواز السفر في 18 حزيران (يونيو) عام 2009 في كولونيا (غرب) إلى رجل يدعى ميخائيل بودنهايمر، وقدم جواز سفر اسرائيلياً صادراً نهاية عام 2008. واضافت ان الرجل حصل على جواز السفر الالماني بعدما أكد أنه يُقيم في كولونيا وقدم شهادة زواج والديه اللذين اضطهدا في عهد النازيين. وأشارت إلى أن نيابة كولونيا كلفت اجراء تحقيق في اجتماع حدوث انتحال شخصية. وفي لندن، قال مسؤول بريطاني إن بريطانيا عرضت إصدار جوازات سفر جديدة لستة بريطانيين استخدم هوياتهم أعضاء المجموعة التي اغتالت المبحوح، أملاً في تجنيبهم الاعتقال غير المقصود بموجب انذار أصدرته الشرطة الدولية (انتربول).