أسفرت محادثات رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فييون في دمشق في اليومين الماضين عن تشكيل مجموعة عمل لتنفيذ الاتفاقات الموقعة بين الجانبين البالغ عددها امس 11 اتفاقاً ومذكرة تفاهم وخطة عمل، وبحث «سبل وآليات بناء شراكة حقيقية وشاملة» بين سورية وفرنسا، اضافة الى اقتراح تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس الوزراء وصدور بيان مشترك عن الجانبين. وكان الرئيس بشار الأسد استقبل مساء اول من امس رئيس الوزراء الفرنسي قبل لقائه صباح امس وزير الخارجية النمسوي مايكل سبيندليغر بحضور وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، بالتزامن مع عقد فييون جلسة محادثات مع نظيره السوري محمد ناجي عطري اسفرت عن توقيع 11 اتفاقاً ومذكرة تفاهم وخطة عمل بين البلدين واتفاقات تعاون بين القطاع الخاص على هامش منتدى رجال الأعمال. وأفاد ناطق رئاسي ان لقاء الأسد وفييون مساء اول من امس تناول «العلاقات الثنائية، خصوصاً في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وكيفية دفع هذه العلاقات عبر متابعة تنفيذ الاتفاقات الموقعة أو التي ستوقع خلال زيارة فييون، الأمر الذي يشكل انعكاساً للإرادة السياسية والثقة المتبادلة في كلا البلدين، اذ أكد الرئيس الأسد أن المشاريع الاقتصادية الثنائية يجب أن تكون نواة لتعاون اقتصادي إقليمي». وجرى الحديث ايضاً عن التطورات السياسية في المنطقة، خصوصاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعملية السلام المتوقفة. ونقل الناطق عن الأسد تأكيده «موقف سورية المبدئي الداعي الى السلام العادل والشامل القائم على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، مشدداً على أن السلام وحده هو الكفيل بضمان الأمن والاستقرار في المنطقة». واعتبر الأسد أن «السلام يتطلب إرادة حقيقية، وهذا ما تفتقر إليه إسرائيل»، مشدداً على «ضرورة اضطلاع الدول الأوروبية بدور فاعل لإرغام إسرائيل على التزام متطلبات السلام». كما أكد الأسد «أهمية الدور التركي في عملية السلام ووجود الدور الفرنسي الداعم لهذا الدور». وكان عطري قال في افتتاح الجلسة الرسمية للمحادثات السورية - الفرنسية ان زيارة فييون لدمشق «تأتي تتويجاً لمرحلة جديدة من مراحل التعاون الثنائي تقوم على قاعدة متينة من علاقات الصداقة التاريخية والمصالح المشتركة والثقة المتبادلة التي رسختها لقاءات الرئيسين الأسد ونيكولا ساركوزي وتوجيهاتهما الرامية الى اعادة الدفء والحيوية لهذه العلاقات ووضعها في مسارها الصحيح الذي يلبي مصلحة البلدين الصديقين ويخدم عملية الأمن والاستقرار في المنطقة». وعن عملية السلام، قال عطري انها «تحتاج الى طرفين، ولا يمكن لها أن تتحقق من طرف واحد، اذ ترفض اسرائيل السلام، ما أدى الى توقف الجهود وتجميد المبادرات التي بذلت على مسار السلام وآخرها جهود الوسيط التركي الذي قام بدور نزيه أثناء المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل»، داعياً أوروبا عموماً، وفرنسا خصوصاً، الى لعب «دور اساسي وفاعل في تحريك عملية السلام والضغط على اسرائيل للانصياع لمتطلباتها وفق مرجعية مؤتمر مدريد وقرارات الشرعية الدولية المتضمنة عودة الجولان العربي السوري والأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران عام 1967 وضمان حق العودة للشعب الفلسطيني وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس»، مؤكداً أهمية «دعم المجتمع الدولي للمحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل التي أجريت بوساطة تركية». وأفادت مصادر رسمية ان لقاء عطري وفييون تناول «سبل وآليات بناء شراكة حقيقية وشاملة بين سورية وفرنسا تشمل الاقتصاد والتجارة والثقافة والطاقة والنقل والنفط والتعليم العالي والجامعات السورية الفرنسية، والإفادة من الخبرات الفرنسية في مجال التدريب والتاهيل والإصلاح الإداري والتخطيط الإقليمي والإدارة المحلية ودور رجال الأعمال والشركات الفرنسية في العمل والاستثمار في سورية»، مشيرة الى ان عطري وفييون «اكدا أهمية المتابعة المستمرة والدائمة لقضايا وموضوعات التعاون المشترك من خلال تفعيل عمل اللجان المعنية واقتراح احداث لجنة عليا سورية - فرنسية برئاسة رئيسي مجلسي الوزراء في البلدين». وفيما كانت المحادثت السورية - الفرنسية تعقد في مبنى مجلس الوزارء، كان الرئيس الأسد يجري محادثات مع وزير الخارجية النمسوي. وأعلن الناطق الرئاسي ان اللقاء تناول مجمل الأوضاع في المنطقة، خصوصاً عملية السلام المتوقفة. وفيما اكد سبيندليغر «حرص بلاده والاتحاد الأوروبي على دعم اى جهد يسهم في استئناف مفاوضات السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة»، جدد الرئيس الأسد «موقف سورية الداعي لتحقيق السلام العادل والشامل داعياً اوروبا الى مواصلة الدور الموضوعي الذي تلعبه بهذا الصدد، خصوصاً عبر دعمها الدور التركي». وتناول اللقاء اتفاقية الشراكة السورية - الأوروبية و«ضرورة العمل على ازالة العقبات التي تعترض توقيع الاتفاقية بما يضمن مصالح الطرفين». وعقد المعلم ونظيره النمسوي مؤتمراً صحافياً اجملا فيها نتائج محادثاتهما التي تناولت العلاقات الثنائية وعملية السلام والعلاقة بين دمشق والاتحاد الأوروبي وأوضاع المنطقة. وسئل عن العلاقة مع ايران بعد تحسن العلاقة مع واشنطن، فقال وزير الخارجية السوري ان «سورية تقيم علاقاتها مع كل دول العالم بما يخدم مصالحها، ولا تقبل شروطاً من احد تقيد علاقاتها الخارجية. كما انها لا تفرض شروطاً على الآخرين لتقييد علاقتهم مع اطراف نعتبرها خصماً لسورية. بالعكس نحن نريد الاستثمار في هذه العلاقات لأجل السلام والاستقرار والأمن في المنطقة». وعن الملف الإيراني، قال المعلم انه لا يعتقد ان العقوبات «هي الطريق لحل الخلاف القائم بين الغرب وإيران، بل ان (التلويح بالعقوبات) سيعقد ايجاد حل سلمي»، مؤكداً ضرورة الحوار لحل موضوع الملف النووي بالحوار.