مثلما عرفت المصورة الإيرانية الشابة نِيُوشا تَوَكّليَان بحضورها القوي في المناطق المتأزمة في الشرق الأوسط، وتصويرها في كل من باكستان، وسورية، ولبنان، والعراق، ودول أخرى، تتصدر اليوم الأخبار ليس بسبب حصولها على جائزة مهمة في التصوير تعتبر من أهم الجوائز العالمية فحسب، بل لأنها أعلنت أنها ستتقاسم قيمة الجائزة التي تبلغ 100 ألف يورو مع لاجئين سوريين وعراقيين، وستنفق نصف هذا المبلغ على الأعمال الخيرية. وهذه الفنانة الإيرانية البالغة من العمر 34 سنة، والتي تنشر صورها في صحف ومجلات عالمية مثل «ناشيونال جيوغرافيك»، و «تايم»، و «نيويورك تايمز»، حازت جائزة مؤسسة «الأمير كلاوس» في هولندا لعام 2015. وكتبت توكليان في صفحتها على موقع فايسبوك أنها ستخصص 15 ألف يورو من هذه الجائزة للمشردين من كل من سورية والعراق، كما أنها ستمنح 13 ألف يورو لمصلحة جائزة «شيد» للتصوير الفوتوغرافي والتي تمنح سنوياً لأفضل المواهب الشابة في التصوير في إيران. وستذهب 10 آلاف يورو لمؤسسة «محك» الخيرية في إيران والتي تعنى بالأطفال المصابين بالسرطان. في حين أن 7 آلاف يورو ستهدى للمراكز التي تهتم بالحفاظ على حقوق الحيوانات. بدأت توكليان العمل في الصحافة منذ كانت في السادسة عشرة من عمرها، وبالصدفة كما ذكرت في أحد الحوارات. ثم أصبحت فيما بعد أصغر مصورة صحافية في إيران، وهي اليوم مصورة معروفة على الصعيد العالمي، عرفت بصورها عن الحياة الاجتماعية في إيران، لا سيما عن النساء الإيرانيات. وحين سئلت عن اهتمامها بموضوع المرأة الإيرانية في أعمالها قالت: «في كل الأحوال أنا امرأة إيرانية، ترعرعت في إيران، ولستُ منعزلة عن النساء في هذا البلد. حين أصور النساء، كأني أقوم بتصوير حياتي. من جهة أخرى، أشعر بأن الشباب في إيران مصاب بحالة من الذهول، وأنا أحب أن أُظهر ذلك الذهول في صوري». وتابعت: «حتى حين كنت أصور في مناطق حربية مثل لبنانوالعراق، لم أكن أصور الحرب هناك، بل كنت أصور الناس والمشردين، وأكثر صوري كانت (بورتريه). كنت مصرة على ذهابي إلى العراق، لأصور الحرب والناس هناك، لأني كنت أشعر بأن هذا الأمر واجب عليّ، لأني مسلمة. كنت أريد أن يرى العالم هذه الحرب بعين شخص إيراني». في كثير من الصور التي التقطتها توكليان للنساء في إيران، نرى لمسة من الفرح والبهجة، ما يدل على الوعي والثقة لدى أولئك النساء. كما أنها ترسم صورة عن الظروف السياسية والاجتماعية في البلد، والواقع الذي تعيشه المرأة الإيرانية، بعيداً من الصورة الروتينية التي يتحدث عنها الإعلام الغربي طوال الوقت. ففي صورها هناك رؤية نحو المستقبل، وهناك الأمل، وعقلية حديثة تتمتع بها اليوم المرأةُ الإيرانية. ورؤيتها هذه كانت سبب رفضها قبول جائزة مؤسسة «كارمنياك جيستشن» الفرنسية عام 2014، وقيمتها 50 ألف يورو، إذ اختلفت المصورة آنذاك مع مديري هذه المؤسسة على تغيير تعليقات الصور وعناوينها. وفي النهاية، قبلت أن تأخذ الجائزة بعد نقاش مع لجنة التحكيم، ووساطة بعض المصورين المعروفين عالمياً. وشرحت توكليان وقتذاك أسباب رفضها الجائزة، وكتبت على فايسبوك أن رئيس مؤسسة كارمنياك كان مصراً على تغيير عناوين الصور والتعليقات، واختيار بعض الصور دون غيرها، وأراد أن يسمي المجموعة «الجيل التائه»، أو «الجيل الضائع». تواصل نيوشا توكليان عملها كمصورة محترفة منذ عام 2002. ومنذ ذلك الوقت تنشر صورها في صحف ومجلات عالمية مثل «تايم»، و «لو فيغارو»، و «شتيرن»، و «نيويورك تايمز» وغيرها. كما أنها صورت في كثير من دول الشرق الأوسط كالعراق، وسورية، والمملكة العربية السعودية، وباكستان. يذكر أن جائزة «الأمير كلاوس» لعام 2015 ستسلّم لتوكليان في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، خلال حفلة ستقام في هولندا في حضور العائلة الملكية الهولندية.