تشهد الدوائر القضائية في السعودية حركة مذهلة في جوانب شتى، غير أن جانب دعاوى الجماهير، كانت الجانب الأكثر بروزاً على السطح. إلا أن كثيراً من المدعين والمدعى عليهم، ليست لديهم خلفية بارزة حول القضايا التي يتابعونها بسبب نقص جهود التوعية أو محدودية إمكانات المراجعين أنفسهم. من هنا أرادت «الحياة» عبر صفحة «القانون» وما ينشر فيها من أحكام مكتسبة للقطعية واستشارات من خبراء وقانونيين، أن تسهم في تنوير وتوعية القضاة والمتقاضين، والقراء بشكل عام. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: ففي يوم الثلثاء 1-7-1409ه حضر لدي أنا حمد بن عبدالعزيز الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينةالمنورة المدعي... رقم الحفيظة... في 7-5-1378ه سجل ينبع وحضر لحضوره... رقم الحفيظة.... في 21-12-1378ه سجل أملج فادعى... قائلاً: إنني اشتريت من هذا الحاضر منزلاً وقفاً في الحرة الغربية في 6-12-1408ه بمبلغ وقدره 280 ألف ريال سلمته منها 150 ألف ريال والبقية مقسط على دفعتين الأولى بعد سنة والثانية بعد سنتين من تاريخ البيع، وأنا لم أر المنزل وحينما رأيت المنزل رجعت عن البيع، لأن المنزل لا يصلح لي لكونه صغيراً وثمنه مرتفع ومبني من الخشب والطوب فأخبرت الدلال... بأنني لا أريد المنزل وذلك في 8-12-1408ه وأطلب الحكم على هذا الحاضر بفسخ البيع وإعادة ما استلمه من القيمة وقدرها 150 ألف ريال هذه دعواي. وبسؤال المدعى عليه عن الدعوى أجاب قائلاً: ما ذكره المدعي من أنني بعته منزلي الواقع في الحرة الغربية بمبلغ وقدره 280 ألف ريال سلمني منها 150 ألف ريال وبقي 130 ألف ريال مقسطة على دفعتين الأولى بعد السنة والثانية بعد سنتين من تاريخ البيع في 6-12-1408ه فهذا كله صحيح أما أنه لم ير المنزل فهذا غير صحيح فمن 20-11-1406ه وحتى تاريخ المبايعة في 1-12-1408ه في كل يوم يأتيني أناس من أقاربه وعائلته ويرون المنزل وهم مرسلون من قبله وفيهم ابنه.... فقد حضر إليَّ ثلاث مرات وشاهد المنزل بنفسه وبعد أن تمت المبايعة اشترط عليَّ المدعي أن أشطب الشقة العلوية بحسب الاتفاق بيني وبينه قبل المبايعة وقد طلب مني المدعي وابنه.... إخلاء المنزل في 7-12-1408ه من دون تأخير ثم أخليت المنزل في 7-12-1408ه وسلمت المفاتيح للدلال... المذكور ثم شطبت الشقة المذكورة وسلمت المنزل بعد التشطيب للدلال في 17-12-1408ه وإذ كفلني الدلال في تشطيب الشقة المذكورة في خلال 11 يوماً هذه إجابتي. وبعرض ذلك على المدعي قال: إن المدعي عليه والدلال قد حضرا لدي في منزلي وقت المبايعة وأنا مريض على الفراش وتم عقد المبايعة وأنا على هذه الحالة في منزلي وحينما رأيت المنزل أعلمت الدلال أنني لا أريد هذا ما لدي. فجرى سؤال المدعى عليه هل لديه بينة على أن ولد المدعي حضر ورأى المنزل وأنه مرسل من والده المدعي فقال: بينتي الدلال... ثم حضر... رقم الحفيظة... في 4-8-1378ه سجل المدينةالمنورة ولدى سؤاله عما لديه من شهادة فقال: أشهد لله تعالى أنني حضرت لزيارة المدعي في مستشفى الملك فهد بالمدينةالمنورة وذلك في 3-12-1408ه فسألني عن منزل للبيع لأنني صاحب مكتب عقاري فأخبرته بمنزل... المدعى عليه وقلت له: إنني لا يمكن أبيعك أو أخبرك بالقيمة ما دمت في المستشفى فقال: خذ ولدي... وفرجه على البيت، وهو يحضر العائلة ويفرجهم على البيت فإذا رضي ولدي... والعائلة فأنا أشتري البيت واستأذن لي من أهل البيت من أجل أن تدخل عائلتي للتفرج على البيت، وقمت بالاستئذان لهم من البائع.... فحضرت أنا وابنه... إلى البيت وتفرجنا بحسب ما ذكر لي ابن المدعي... وكذلك ما ذكره لي أهل المدعى عليه، ثم حضر إليَّ المدعي... المذكور في منزله بعد خروجه من المستشفى، فقال لي: تأتيني أنت ومالك البيت في يوم الخميس 3-12-1408ه ثم حضرنا. فجرى سؤال المدعي: هل لديه قدح في الشاهد، فقال: إن هذا الشاهد هو الدلال الذي غرر بي، فدعواي على البائع وعليه. ثم جرى تعديل الشاهد التعديل الشرعي، ثم جرى سؤال المدعى عليه هل لديه زيادة بينة، فقال: نعم، فأحضر بينة غير موصلة فعرضت عليه أن يحلف اليمين مع شاهده على ابن المدعي... أنه حضر ورأى منزله قبل البيع وأنه مرسل من والده، وأنه وافق على البيع وكذلك عائلة المدعي حضرت، وشاهدت المنزل فاستعد ببذل اليمين، ثم حلف اليمين الشرعي لما طلبت منه. فبناء على ما تقدم من الدعوى والإجابة، وحيث ثبت أن ابن المدعي... وكيل للمدعي في رؤية المبيع وقد قرّر الفقهاء قاعدة من جاز تصرفه فيما يوكل فيه جاز توكيله ووكالته ومن لا فلا». كما في التنبيه للشيرازي الشافعي (76) والأشباه والنظائر لابن الوكيل (2/451) المجموع المذهب مخطوط «2/120/ب» والأشباه والنظائر لابن الملقن مخطوط «109/ب» وقال في الكشاف «3/463»: ويصح التوكيل في كل حق آدمي من العقود» قال النووي في المجموع «9/290»: «قال أصحابنا الاعتبار رؤية المبيع وعدمها بالعاقد، فإذا وكل من يشتري له عيناً فإن رآها الوكيل حال العقد أو قبله واكتفيا بالرؤية السابقة صح البيع قولاً واحداً سواء كان الموكل رآها أم لا. ولا خيار إذا رآها بعد العقد». وقال في روضة الطالبين (4/327): «أحكام العقد في البيع والشراء تتعلق بالوكيل دون الموكل حتى تعتبر رؤية الوكيل للمبيع دون الموكل». وقال الرافعي الشافعي في فتح العزيز (8/148): «هل يجوز للبصير إذا صححنا منه شراء الغائب أن يوكل غيره بالرؤية و بالفسح أو الإجارة على ما يستصوبه وفيه وجهان أظهرها أنه يجوز». وقد قرر ابن السبكي في الأشباه والنظائر (2/383) «أصل هو من باشر عقد أو باشره عنه من له ذلك، ثم ادعى ما ينقضه لم يقبل». لذا كله: فقد صرفت النظر عن دعوى المدعي.... هذه ضد المدعى عليه.... وأفهمت المدعي بلزوم البيع وبعرض ذلك على المدعي قرر عدم القناعة به وطلب تمييزه، فأجيب إلى طلبه وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.