شهد الملتقى الأول للقضاة، الذي نُظم أخيراً في الرياض تحت عنوان شامل هو «تأهيل القضاة، رؤية مستقبلية»، طرحاً مغايراً للعمل المعتاد بين المؤسسات الشرعية، المعنية بتطوير الحقل الديني، ليواكب العصر في أدواته وأساليبه، في التعاطي مع القضايا الشائكة. وأبرز الملتقى الذي نظمه المجلس الأعلى للقضاء بقيادة الشيخ صالح بن حميد مجال «تأهيل القضاة»، بصورة ما كان يجرؤ أحد على التمتمة بها همساً، فبينما كان القضاة في نظر كثيرين «ثوابت» يجب أن تتقى، بادر المجلس الذي يرعاهم نفسه إلى تعريف القضاة بجوانب النقص في تأهيلهم ليدعموها، وجلب الخبراء لهم للإفادة من تجاربهم. وخلص الملتقى الذي شارك فيه 150 قاضياً من مختلف درجات السلك القضائي ومن جميع مناطق المملكة، إلى توصيات وصفت بالمهمة، لم تتجاهل حتى الجوانب الشخصية للقاضي، فأوصت بضرورة «تدريب القاضي على المهارات الشخصية التي تساعده في تنظيم أعماله ومسئولياته»، ناهيك عما يتصل بإكسابه «الحرفة القضائية» على أصولها المهنية المختارة، في دول العالم المتقدم. ولم يستنكف القضاة السعوديون من الإنصات إلى خبير يفيدهم بتجارب تلك الدول، ويطلعهم على آخر ما انتهت إليه تجارب العالم في تطوير الأداء القضائي. في ما يلي نص التوصيات. 1) تأهيل القضاة وإعدادهم للعمل القضائي مطلب رئيسي وركن أساسي في ضمان تحقيق العدالة وإيصال الحقوق لأهلها؛ إذ إن الحكم القضائي الصحيح يقتضي ثلاثة أمور أساسية: - التصور الصحيح للنص الشرعي ذي العلاقة. - تصور الواقعة المراد الحكم عليها. - التكييف لإنزال الحكم على الواقعة. ولا تتحقق هذه التصورات للقاضي إلا إذا حصّل التأهيل الكافي لتحقيقها من خلال توافر القدر المناسب من المعارف، والقدر المناسب من التدريب والمران على استخدام المهارات اللازمة، وهذه حقيقة التأهيل القضائي. 2) تأهيل القضاة يتطلب إعداد خطة شاملة تشتمل على تحديد الحاجات وإعداد القاضي في الجوانب الآتية : - إكساب القاضي «الحرفة القضائية»، والمهارات التي تساعده في العمل القضائي مع تجدد الوقائع واختلاف الأحوال. - إعداد القاضي للعمل في المجالات القضائية المتخصصة (القضاء التجاري/ القضاء الجزائي /القضاء العمالي/قضاء الأحوال الشخصية) وفق استعداده العلمي وما لديه من خبرات ومؤهلات. - إكساب القاضي المهارات الإدارية التي تساعده في وظيفته القضائية ، وتيسر له التعامل مع المتقاضين والمراجعين باختلاف أحوالهم . - تدريب القاضي على المهارات الشخصية التي تساعده في تنظيم أعماله ومسؤولياته. - إحاطة القاضي بما يستجد في مجالات التقنية، وتدريبه على الاستفادة منها في أعماله. 3) العناية بإعداد القضاة وتأهيلهم للعمل قبل مباشرة القضاء من خلال اشتمال مناهج كليات الشريعة على القدر الكافي من التأهيل والإعداد للعمل القضائي. 4) العناية بمرحلة الملازمة القضائية واشتمالها على التعليم النظري القضائي والتدريب العملي وفق خطة معتمدة ووقت كافٍ في تأهيل الملازم، مع أهمية اعتماد وسائل علمية دقيقة في تقييم الملازمين، وإعداد القضاة كي يقوموا بتدريب الملازمين وتوجيههم وتقييمهم. 5) العناية بالتطوير المستمر للقضاة من خلال البرامج التدريبية المتنوعة وفق الحاجات والمستجدات، وإتاحة الفرصة للقضاة في الالتحاق بالبرامج التدريبية والعلمية المناسبة ، وأن يُخصص لكل قاض عدد من الدورات التدريبية سنوياً. 6) إعداد القضاة للعمل القضائي المتخصص وفق ما ورد في نظام القضاء من خلال البرامج العلمية والعملية المناسبة، ومساعدة القاضي في اختيار التخصص الملائم مع قدراته ومؤهلاته وميوله. 7) إفادة القاضي بما يستجد في مجال عمله من دراسات وأبحاث علمية وقضائية، وإيجاد الآليات المناسبة لتحقيق ذلك. 8) دعوة القضاة وتشجيعهم على المشاركة في إعداد البحوث والدراسات القضائية المتخصصة وتسهيل ذلك. 9) عقد اللقاءات الدورية بين القضاة على مستوى المملكة وعلى مستوى المناطق وفق خطة مناسبة تسهم في إفادة القضاة. 10) إعداد عدد كافٍ من القضاة وتأهيلهم للمشاركة في تدريب القضاة في الجوانب القضائية المتخصصة. 11) التوسع في افتتاح كليات الشريعة في جامعات المملكة في كافة المناطق لسد حاجة المحاكم في الوظائف القضائية والوظائف المساندة لها. 12) التأكيد على أهمية قيام المجلس الأعلى للقضاء بعقد الدورات التدريبية وورش العمل وفق الحاجات. 13) العناية بمعايير القياس المعتمدة دولياً في معرفة مستوى برامج التدريب القضائي ومدى تحقيقها لأهدافها المرسومة. 14) ثمّن المشاركون أهمية هذا الملتقى وأهدافه السامية وأثره في التواصل مع المجلس والمشاركة في استراتيجياته، ودعا المشاركون إلى استمراره سنوياً.