اعتادت ايران الجمع بين الاحتفال بذكرى ثورة 1979 والإعلان عن إطلاق صواريخ جديدة. ولم يشذّ احتفال 2010 عن القاعدة، بينما التوتر الإقليمي الناجم عن المسألة النووية في أوجّه وذروته. ولم يتخلف النظام الإيراني عن التوسل بالسلاح وضمه الى احتفالاته وإحيائه ذكرى الثورة. ففي 8 شباط (فبراير) أعلن أحد كبار الضباط أن إيران على وشك صناعة صواريخ اعتراض تساوي السلاح الروسي أرض - جو إس - 300 قوة وفاعلية. وحاولت طهران شراء هذا السلاح، من غير جدوى على ما يبدو، وفي 6 من الشهر نفسه، دشن وزير الدفاع، أحمد وحيدي، موقعين لإنتاج الصواريخ، وفي 3 منه، أعلن الرئيس أحمدي نجاد عن تجربة إطلاق صاروخ يحمل قمراً اصطناعياً مدنياً، كافوشغار - 3، لا شك في تطبيقاته العسكرية. ويرى الخبراء أن التخمينات والتكهنات تغلب على تقدير الطاقات العسكرية الإيرانية، ما يتعلق منها بعدد الصواريخ ومنصات الإطلاق أو بحمولاتها وقوتها التفجيرية ودقة إصابتها. ويجمع الخبراء أنفسهم على امتلاك ايران صناعة صاروخية وطنية. وهذا عامل ينبغي احتسابه في معالجة أزمة إقليمية جائزة، وفي استباق صورة هذه الأزمة. ويعود برنامج إنتاج الصواريخ الباليستية الى منتصف ثمانينات القرن العشرين، إبّان الحرب ضد العراق. ويرعى البرنامج «حراس الثورة» في أطواره كلها، من الأبحاث الى الإنتاج والإعمال، وهذا السلاح تقليدي، ولا تحظره معاهدة دولية. وتنتج ايران صواريخ قصيرة المدى (300 كلم - 600 كلم)، وتحسن التحكم فيها منذ 1985، وشهاب - 1 و2، وهما من صنف سكود السوفياتي وصناعة كورية شمالية، غير دقيقي التصويب، ولكنهما يتهددان جيران ايران بضرر يخشاه الجيران. وضعف دقة التصويب تبلغ 1 كلم، ويترتب عليها حمل من يقصف بهذه الصواريخ على إطلاق عدد كبير منها على مواقع عسكرية أو أهداف مدنية حتى بلوغ حد الإشباع، على قول ستيفان دولوري في تقرير الى مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية. والتكتيك الأميركي القائم على دفاع مضاد للصواريخ، على المثال الذي استعمل في الخليج، لا يستوفي غرضه، ويشكو مواطن ضعف. وقد تملك ايران 40 منصة إطلاق، و500 صاروخ. ويقتضي الاستعمال الفاعل والمؤثر أن يسع المنصة الواحدة إطلاق 4 صواريخ (وليس 12.5 صاروخ على ما هي حال التجهيز الإيراني). وفي عام 2000، وضع الحرس في الخدمة صواريخ شهاب - 3، المشتقة من نموذج نودونغ الكوري الشمالي. ويبلغ مداها 1300 كلم الى 1500 كلم. ويبلغ عددها 20 صاروخاً الى 100 صاروخ، نظير 40 منصة. وقودها سائل. وهذا النوع من الوقود عسير الاستعمال ومربك. وقد يتجاوز العسر والإرباك تركيبة الصواريخ في إنفاق، على ما يفعل الإيرانيون، ويلاحظ فرنسوا جيريه، مدير المعهد الفرنسي للتحليل الاستراتيجي، ان صواريخ شهاب - 3 تطاول دائرة تهديدها الشرق الأوسط كله، واختبرت طهران، في 28 أيلول (سبتمبر) 2009، في إطار مناورات الرسول الأعظم الرابعة نسخة من شهاب - 3 أبعد مدى. ويقتضي استعمال هذا الصنف استعمالاً فاعلاً ومؤثراً بضع سنوات. وفاجأ إطلاق سجّيل - 2، ووقوده صلب، المراقبين. وهو جزء من صناعة قذائف ذاتية التوجه حرصت ايران على تعهدها وتنميتها. واختبار سجيل - 2، وهو من طبقتين ويبلغ مداه 2000 كلم ووزن وقوده طن واحد، قفزة نوعية قياساً على الصواريخ السابقة، والصاروخ الذي يسعه إطلاق قمر اصطناعي ووضعه في مداره يتيح اختيار تكنولوجيات تزيد مدى الأسلحة الباليستية (انفصال الطبقات واستعمال وقود من مسحوق البارود)، ويرى الخبراء أنه لم يكن في مستطاع ايران التحكم في الصواريخ المتوسطة المدى (3000 الى 5000 كلم)، والقادرة على بلوغ أوروبا، قبل عقد من السنين. وهي حالها كذلك مع الصواريخ البعيدة المدى (فوق 5000 كلم). ويقدر «معهد الشرق والغرب» الأميركي المدة ب 10 - 15 سنة. والولايات المتحدة تعد عدة التصدي للأمر منذ اليوم. وأعلنت وزارة الدفاع، في الأول من شباط، عن إخفاق تجربة صاروخ معترض في المحيط الهادئ تحاكي صدّ هجوم إيراني. وتحمل ايران هذا السلاح على سلاح جوابي. وإذا هاجم عدو ايران فعليه توقع ردٍ. وصمم الرد على نحو يبلغ الدول «المتواطئة مع اسرائيل والولايات المتحدة وتؤوي أراضيها مراكز قيادة أميركية»، على ما ترى طهران وتعلن، وهذا تهديد غير متستر للمنشآت النفطية القريبة. ويلوح الإيرانيون بهذا السلاح ويعولون عليه دوره الرادع. * صحافية، عن «لوموند» الفرنسية، 11/2/2010، إعداد وضاح شرارة