بعد مضي أيام قليلة على انتهاء إشاعة الزئبق الأحمر الموجود في ماكينة الخياطة سنجر، ظهرت هذه المرة في المساجد، إذ اختار إمام جامع في منطقة الجوف ماكينات سنجر والزئبق الموجود فيها موضوعاً لخطبة صلاة الجمعة أول من أمس، محذراً من الانسياق خلف الإشاعات التي يطلقها ضعاف النفوس بين المجتمع. وقال خطيب جامع الشيخ عبدالعزيز العقل في ضاحية قارة (جنوبسكاكا) علي العقل في خطبة الجمعة الماضية، إن الإشاعة أثبتت للعقلاء وأصحاب القلوب المطمئنة أن الأمة مازالت تعيش الخرافة، وتأثيرها يعمل عمله وربما قد تتسبب في القتل، إن لم يكن في الأمة رصيد من الوعي الشرعي والعقلي الذي لا يصدق كل ما يبث وينشر، لافتاً إلى أن أعظم الطرق المفضية إلى انتشار الفوضى واضطراب الأمور بثَّ الإشاعات المختلقة. وأضاف ان تاريخ الإشاعة قديم قِدَم هذا الإنسان، وذُكر في كتاب الله نماذج منها، وتاريخ الأنبياء وقصصهم نجد أنّ كلاً منهم أثير حوله الكثير منها من قومه، ثم يبثّونها ويتوارثونها أحيانًا، مشيراً إلى أن أعظمها التي هَزّت المجتمع الإسلامي بأكمله وجعلته يصطلي بنارها شهراً كاملاً، وكلّفت أطهر النفوس البشرية على الإطلاق وأطهر البيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيوته آلاماً هي إشاعة الإفك التي أطلقها رأس النفاق عبدالله بن أُبيّ بن سلول. وتابع: «هناك فئات وأصناف من الناس في كل مجتمع قلوبها مريضة، وأرواحها ميتة، وذممها مهدرة، لا تخاف من الله، ولا تستحي من عباده، مهنتهم ووظيفتهم وهوايتهم نشر الإشاعات في أوساط الناس، تتغذّى على لحوم البشر، وترتقي على أكتاف وحساب غيرها». وذكر أن أعظم الوسائل المعينة لهم على فتنتهم شبكات الإنترنت، التي يعبثون فيها بأمن الناس وأديانهم وعقولهم، فانساق وراءهم بعض العامة والجهلة، ففُتِنوا بفتنتهم، ووقعوا في تقليدهم، فصارت تلك المواقع والمنتديات مصدراً رئيساً لهؤلاء الغَوْغاء، يصدرون عن آرائها وما يبث فيها، ولا يكاد ينزل فيها خبر عن شخص أو دولة أو حكومة أو أمة إلا وينتشر انتشار النار في الهشيم وبشتى صور العرض، وبتفنّن في جذب الانتباه. وتساءل العقل عن مصير الأمة بعد أن رأى فتنة «الزئبق الأحمر»، بقوله: «لو خرج «المسيح الدجال» في هذا الزمان، لرأينا أتباعه ليس بالآلاف بل بالملايين، ولذا حذرنا الرسول من فتنته العظيمة التي تلتبس على الكثير». وأوضح أن المنهج الذي ينبغى أن يتبعه المسلم حتى لا تؤثر الإشاعة فيه، تقديم حسن الظن بأخيه، ويتوثّق من صحة النقل، ويطلب الدليل عليه، ويَكِل أمره إن كان من أمور العامة إلى أولي الأمر الذين يستنبطونه. يذكر أن إشاعة الزئبق الأحمر الموجود في مكائن الخياطة من نوع «سنجر» ظهرت في السعودية قبل أسبوعين، وانتشرت في جميع المدن، ما جعل مواطنين يتوافدون على الأسواق الشعبية «الحراج» لبيعها.