كرّر رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت القول إنه قدم خلال رئاسته الحكومة للفلسطينيين أفضل اقتراح تقدمه إسرائيل لتسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وقال انه لا يفهم حتى الآن رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) اقتراحه للحل الدائم، وتحديداً في شأن قضية القدس، مضيفاً أنه «يجدر بالمجتمع الدولي، بدلاً من الانشغال بالبناء في المستوطنات، الاستفسار عن أسباب رفض عباس أفضل اقتراح قدمته إسرائيل للفلسطينيين». وتابع في سياق محاضرة ألقاها مساء أول من أمس في جامعة تل أبيب، أن الاقتراح الذي قدمه يقوم على أساس حدود عام 1967 «مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع الديموغرافي الناشئ، وإبقاء نسبة معينة من الأراضي» الفلسطينية (المقامة عليها الكتل الاستيطانية الكبرى) تحت سيطرة إسرائيل. وأضاف أن اقتراحه في شأن القدس قضى بأن تكون الأحياء اليهودية في المدينة تحت سيطرة إسرائيلية (بما فيها كل الأحياء الاستيطانية في المدينةالمحتلة)، والعربية ضمن حدود الدولة الفلسطينية، وأن يدار «الحوض المقدس» على يد خمس دول بينها إسرائيل. وأعرب أولمرت عن ثقته بأن الحل الدائم للصراع سيقوم في نهاية المطاف على المبادئ التي تضمنها اقتراحه للفلسطينيين. وزاد منتقداً سياسة الحكومة الحالية ان «من يريد دولة واحدة للشعبين، سيواصل طريقة كسب الوقت وصد الضغوط، لكننا سنجد أنفسنا أمام جبهة دولية معادية ستحاول أن تفرض علينا بكل قوة منح كل من يعيش في حدود الدولة الواحدة حق المشاركة في الانتخابات للكنيست». وأضاف أن «من يريد دولة يهودية وديموقراطية، سيتيقن أن لا مناص من حل الدولتين للشعبين». وتابع أنه خلافاً للمزاج العام في إسرائيل بأن السلام مع الفلسطينيين وسورية أضغاث أحلام، قال أولمرت إن تحقيقه ممكن بل «هو خطوة مستوجبة وملحة». وأضاف أنه منذ عام 2003، أعلن أن إسرائيل ستضطر في نهاية المطاف إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس، «وذلك بعد أن أيقنت أنه في الخيار بين أرض إسرائيل الكاملة ودولة يهودية ديموقراطية، فإنني أفضل الخيار الثاني». وتطرق أولمرت إلى المفاوضات مع سورية، وقال إن تركيا قامت بدور «الوسيط النزيه والناجع»، وأنه يجدر بالحكومة الحالية أن تمنح أنقرة مواصلة الوساطة لأنها «الجهة الأنجح والأنجع»، ولأنه «بفضل هذه الوساطة كنا على مسافة ساعات من لقاء بيني وبين وزير الخارجية السوري»، مضيفاً أن اللقاء لم يرَ النور بسبب العملية العسكرية في قطاع غزة. وزاد أن بالإمكان التوصل إلى تفاهمات مع سورية من شأنها أن تغير خريطة الشرق الأوسط، وعلينا أن نتوصل إلى حسم». ولدى تطرقه الى الملف الإيراني، حذر أولمرت من أن تقود إسرائيل المعركة الديبلوماسية ضد ايران لوقف مشروعها النووي. وقال إن التهديد الإيراني «مقلق حقاً، لكن قيام إسرائيل بدور الريادة ضد المشروع النووي سيعفي من يجب عليه معالجته من المسؤولية... لا داعٍ لتصريحات عنترية». وزاد: «في المساحة بين هجوم عسكري شامل وبين التسليم بإيران نووية، ثمة وسائل وإمكانات كثيرة وواسعة متاحة لإحداث تغيير». من جانبه، كرر وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اتهاماته السلطة الفلسطينية بقيادة «حملة دولية لنزع الشرعية عن إسرائيل، يتم تمويلها من الأموال (العائدات الضريبية) التي تحولها إسرائيل للسلطة الفلسطينية». وأوضح في لقائه أعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أمس: «لا أثق بمن يقدم دعاوى ضد إسرائيل بتهم ارتكاب جرائم حرب. إنهم يحرضون ضدنا في المنابر الدولية ولا يثقون بنياتنا تحقيق السلام، وأنا لا أثق بنياتهم حيال قيامهم بمقاطعة منتجات إسرائيلية وتقديم دعاوى قضائية». وتابع ليرمان أنه في ضوء «حقيقة أن أبو مازن لا يمثل قطاع غزة» حيث تسيطر «حماس»، وبعد إرجاء الانتخابات للرئاسة الفلسطينية ثلاث مرات، «لست متأكداً من أن عباس قادر على تزويد البضاعة في المفاوضات». وتابع: «يتحتم علينا أن ندرس كمجتمع في ما إذا كنا مستعدين لقبول شروط اللعبة هذه، أن يديروا معنا مفاوضات سياسية، ومن جهة أخرى يكرسون جزءاً كبيراً من الموارد ضدنا... لا يمكن التعاون مع السلطة في المجالات الأمنية والاقتصادية في الوقت الذي تواصل التحريض ضدنا». وزاد أنه لا يمكن تسوية الصراع عبر تنازلات عن أراض «وإسرائيل قدمت مقترحات وتنازلات بعيدة المدى في كمب ديفيد. ليست صدفة أن الحل لم يتحقق خلال 16 سنة من المفاوضات، أيضاً عندما كانت في إسرائيل حكومات يسار ووسط». وأضاف أنه منذ ثمانينات القرن الماضي، تحوّل الصراع إلى ديني، «أي أنه صراع لا يمكن حله بتنازلات إقليمية... إنه من نوع الصراعات التي لا يمكن حلها بتعويذة أو بتنازلات إقليمية... لذلك فإن مقترحات الحكومة السابقة في مؤتمر أنابوليس لا يمكن أن تحقق السلام». وزاد: «إذ يشتعل الشرق الأوسط كله بسبب الجهاد العالمي في اليمن والعراق ومعاقل حزب الله، فإن من يعتقد أنه يمكن حل الصراع بضربة سحرية، يوهم نفسه». «سلام الآن»: الاستيطان مستمر على صعيد آخر، أكدت حركة «سلام الآن» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 أنه على رغم قرار الحكومة الإسرائيلية قبل ثلاثة أشهر وقف البناء في المستوطنات، «فإن المستوطنين يواصلون البناء في معظم المستوطنات التي شملها قرار تعليق البناء، وفي كثير من الأحيان يتم البناء خلافاً لأوامر منع البناء التي وزعتها وزارة الدفاع على المستوطنات». وقالت الحركة إنها وثّقت بالصور أعمال بناء تتم خصوصاً أيام السبت وفي الليالي، وأن وزارة الإسكان أيضاً صادقت على مبانٍ لم تشيد. وقال الأمين العام للحركة يريف اوبنهايمر إن قرار تعليق البناء هو «خدعة كبيرة»، والمستوطنون يواصلون البناء ولا أحد يوقفهم.