اقترح رئيس «حزب الكتائب» أمين الجميل في كلمته توسيع جدول اعمال طاولة الحوار الوطني ليشمل اضافة الى الاستراتيجية الدفاعية، «مصارحة فعلية تطرح عمق المشكلة اللبنانية، لأن التسويات الظرفية ونهج التأجيل لم يؤديا سوى الى المزيد من الشلل والتعطيل». وقال الجميل: «لم يكن اغتيال الرئيس رفيق الحريري يستهدف شخصه فحسب، بل كان القصد منه أولاً ضرب وحدة لبنان»، مذكراً ب «اللقاء الاول الذي جمعنا، مسلمين ومسيحيين، في البريستول، في قلب بيروت العاصمة، قبل أشهر قليلة من استشهاده لنعلن معاً بصوت واحد تمسكنا بلبنان الواحد، الموّحد، الحرّ، السيّد والمستقل. واعتبر هذا اللقاء النداء السيادي الجامع الأول من أجل الحرية والكرامة. وكان هو التحدّي الكبير. فجاء اغتيال الرئيس الحريري ليشكّل الجواب على هذا التحدي، وكان الزلزال الكبير الذي هزّ الضمائر في الرابع عشر من شباط 2005، وبعده الاتنفاضة الشعبية العفوية، من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال». وخاطب المحتشدين: «انتفاضتكم الوطنية غيّرت مسار الاحداث اللبنانية وأجّجت شعلة النضال، وأظهرت أن إرادة الشعب اللبناني كبيرة من اجل الاستقلال والكرامة، فتحول اجتماع القيادات اللبنانية في 14 آذار 2005، وفي 14 شباط من كل عام، الى بحر بشري ثائر في ساحة الشهداء وكل الساحات يصرخ ويقول: نعم للبنان. نعم للحرية. ولا حياة لنا إلا بالعزة والكرامة والعنفوان». وأضاف: «ما حضورنا هنا اليوم إلا لتأكيد ثبات مسيرتنا الوطنية والثوابت والمقدسات، وأي متغيرات محلية أو إقليمية لا تغير لحظة في مسارنا الوطني أو في عزيمتنا للمضي في بناء الدولة القوية العادلة، وتعزيز الاستقلال، وإنجاز السيادة». وأوضح ان «السيادة الوطنية هي أن يكون لبنان بأسره وال 10452 كيلومتراً بعهدة السلطة الشرعية المنتخبة ديموقراطياً، وألا يكون على أرض لبنان أي سلاح غير سلاح الشرعية اللبنانية تحت أي ذريعة. السيادة تعني أن تحتكر الدولة من خلال مؤسساتها الشرعية كل القرارات السيادية وفي مقدمها قرار الحرب والسلم والتفاوض. من هنا كان اعتراضنا على أحد بنود البيان الوزاري وكانت مراجعتنا أمام المجلس الدستوري. وهذا الاعتراض سيبقى للتاريخ». وأشار الجميل إلى أن «الفترة الماضية شهدت تطورات جديدة على صعيد العلاقة بين لبنان وسورية، والبعض يطرح سؤالاً مشروعاً عن موقفنا منها. لذلك نقول نحن مع قيام أفضل العلاقات بين لبنان وسورية، وهذا النهج واظبنا عليه منذ سنوات طويلة، وندعم الرئيس سعد الحريري، في كل الخطوات التي يقدم عليها لتحسين العلاقة بين البلدين، ولنا ملء الثقة بأنه لن يقدم إلاّ على ما يخدم مصلحة لبنان، لكننا في المقابل نريد خطوات سورية واضحة ومحددة في الزمن لبتّ الملفات العالقة والتي تشكل انتقاصاً من سيادة الدولة اللبنانية، وتبقي الجرح اللبناني نازفاً، ولنا في التجارب السابقة مع سورية خير دليل على أحقّية مخاوفنا». وتابع: «نريد أطيب وأفضل العلاقات مع سورية، وبالقدر نفسه نريد من سورية أن تقتنع مرة نهائية بأن لبنان هو كيان مستقل ودولة سيدة حرة ذات نظام مميز في هذه المنطقة، وأن تتعاطى معنا على هذا الاساس. نريد من سورية، ليس فقط القبول بفتح سفارة وإقامة علاقات ديبلوماسية مع لبنان، بل أداء ينطلق من المفهوم الدولي للعلاقات الندّية بين دولتين جارتين، سيّدتين ومستقلتين... إننا متمسكون بمصالحنا الوطنية وحتمية حسن الجوار مع سورية، لأننا على قناعة بأن استقرار لبنان من استقرار سورية والعكس صحيح، وأن أمن لبنان من أمن سورية أيضاً، والعكس صحيح أيضاً». وزاد: «نقدر للرئيس الحريري جرأته وتعاليه على جرحه الشخصي لمصلحة لبنان ونطلب في المقابل من سورية خطوات ملموسة على حجم هذه التضحيات». وخاطب الجميل المحتشدين: «كنتم تنتظرون حكومة تكون تعبيراً واضحاً عن نتائج الانتخابات، إلاّ أن الظروف التي تعرفونها جميعاً حتمت أن تكون الحكومة حكومة شراكة تضم مختلف الاطراف. والواقع حتى الآن أظهر تعثراً واضحاً في مواجهة وحسم الملفات العالقة»، مقترحاً أن «يكون مؤتمر الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية وتعاون رئيس الحكومة وكل القيادات الوطنية، مناسبة، ليس فقط لبحث الاستراتيجية الدفاعية، بل لإجراء مصارحة فعلية تطرح عمق المشكلة اللبنانية، لأن التسويات الظرفية ونهج التأجيل لم يؤديا سوى الى المزيد من الشلل والتعطيل على مستوى مؤسسات الدولة والشأن العام». وتوجه الجميل الى نجله الوزير الراحل بيار قائلاً له: «لم تغب يوماً عن بالي وبال جماهيرك ومحبيك وإن خطفك الغدر. روحك النضالية باقية حية فينا، ولنا في شهادتك ورفيقنا الغالي أنطوان غانم وكل شهداء الكتائب ولبنان حافز على النضال حتى تتحقّق الاهداف التي استشهدتم من أجلها. فنحن شعب الحياة ونحن شعب الكرامة. هكذا خلقنا وهكذا سنبقى، ليحيا لبنان».