لم يدخر أهل غزة وسيلة فنية أو ثقافية إلا أن استخدموها لتجاوز أهوال الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليهم. وفي هذا الإطار، أطلق المشروع التجريبي «أنا أراك... هل تراني؟!» للمعالجة النفسية بالرسم والفن التشكيلي على جدران البيوت والشوارع بالتعاون بين جمعية «أجيال للإبداع والتطوير» ومؤسسة «الميرسي كور الدولية» وبالشراكة مع مركز «كينونة للعلاج النفسي» ومجموعة «ابت آرت». وتقول المحامية ورئيسة مجلس إدارة جمعية «أجيال للإبداع والتطوير» فاطمة عاشور إن فكرة المشروع جاءت ضمن تنفيذ نشاطات للمعالجة النفسية عن طريق الرسم والفن في منطقة العينة المستهدفة وهي شرق مدينة غزة في حي التفاح موضحة أنه «في إطار المشروع درّب 30 من اختصاصيين نفسيين ومنسقين وفنانين تشكيليين على تقنيات هذا العلاج، وعدد 15 من الأطفال الإناث و15 من الفتيان الذين تراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة من العمر. وتخلل المشروع مجموعة من جلسات التفريغ النفسي ومعالجتها بالرسم والفن التشكيلي مع الاختصاصية الفلسطينية شيرين يعيش من مركز «كينونة للعلاج النفسي» عن طريق الرسم والفن في الأردن». خصص المشروع ثيمة تحاكي الأمل وترفض الوحشة والعزلة من خلال الوجوه والعيون والكتابة، تغطيتها بعبارات تدعو للنظر إلى غزة وحصارها وهموم شعبها عبر عبارات تحاكي أمل أهل غزة في تجاوز مشكلاتهم التي خلفها العدوان الإسرائيلي عليهم، والألوان تدخل البهجة إلى ناظريها، وخطوط عربية فنية وأخرى حرة كتبها المشاركون لتشكل لوحة فنية. وتسعى الفكرة كما ترويها عاشور، إلى بعث رسائل عن أحلام الأطفال المشاركين وأمنياتهم التي كانت تبرز الجانب الإيجابي لمعاني الطموح والإصرار والقوة لديهم، مع مجموعة «ابت ارت» للمعالجة النفسية عن طريق الرسم وفن الشوارع وهم مجموعة من الفنانين الأجانب، والفنان فالك من ألمانيا بمشاركة مجموعة من الفنانين المحليين منهم أنور يحيى وحمزة منصور. وتلفت عاشور إلى أنه «من ناحية مجتمعية لقي المشروع استجابة وقبول واسعين، وشهد حسن الاستقبال والمعاملة وتوفير الأمن والحماية لإنجاح ما قامت به المؤسسات في خدمة المجتمع وأطفاله»، موضحة أن «الجداريات ال 11 نفذت في المنطقة المستهدفة في حي التفاح وأخرى في ميناء غزة». وتقول إن هناك عناوين ورسائل عدة للمشروع وهدفه هو كيف يمكن أن «نرى غزة وأهلها وأطفالها من خلال عبارات إنسانية ومؤثرة ومنها أنا أراك، هل تراني؟ أرى الجمال.؟ أرى الحقيقة..؟ نراكم بقلوبنا، فانظروا إلينا بعيونكم، أرى الأمل في عيون أطفالنا، عيون التسامح، عيون الإنسانية، الحياة، تضامن، أرى القوة، لكي لا ننسى أطفال بكر الأربعة». أصبحت الجداريات التي نفذت جزءاً من نشاطات قامت بها «ابت ارت» التي اعتمدت على جلسات مع الأطفال، وهي متنوعة تتحدث عن كيف يرون غزة وجلسات تتحدث عن كيف تروننا بعيونكم، وجلسات تتحدث عن مجموعة من الصفات التي تعبر عن كل طفل وأحلامه وأمنياته. وأشارت عاشور إلى أن تلك الجلسات وزعت على أيام عدة، «وقد أنجزت كل منها على أحد الجداريات كخلفية رئيسية لما هو قائم الآن». أما في ما يخص استمرار المشروع، فيأتي وفقاً لاستراتيجية المؤسسة المنفذة «بالتعاون مع مؤسستنا لاعتماده كمشروع موسع على مستوى قطاع غزة لمتابعة الجانب النفسي لدى أطفال المناطق الشرقية، وعلى أساسها دربت مجموعة من الاختصاصيين النفسيين والفنانين التشكيليين».