20 ثانية في مقطع صوره هاوٍ «مجهول» كانت كفيلة بإعادة فتح ملف مياه بحر جدة الملوثة، بفعل عقود من الزمن من الإهمال وغياب الرقابة في مدينة يمثل البحر مصدر فخرها، حتى إن سكانها يطلقون على مدينتهم «عروس البحر». واتسعت قائمة المتورطين في الملف «الشائك»، لتشمل أمانة جدة وأحد مقاوليها، وشركة المياه الوطنية، بحسب ما كشفت تقارير رسمية تلقتها إمارة منطقة مكةالمكرمة من لجنة تضم ثلاث جهات حكومية. وسارعت الإمارة إلى تشكيل لجنة برئاستها، لتحديد المتسبب في تصريف مياه ملوثة بكميات كبيرة وذات رائحة كريهة في بيئة البحر. وكشفت مصادر مطلعة ل«الحياة» عن وقوف فريق من المختصين من «الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة» في منطقة مكةالمكرمة، بعد تداول مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، يفيد بوجود تصريف مياه «ملوثة» على البحر. وأكدت المصادر أن اللجنة، التي تضم في عضويتها كلاً من حرس الحدود، وهيئة الرقابة والتحقيق، والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، مكلفة بتحديد الجهة المتسببة في هذا التلوث، وتحميلها مسؤولية تصحيح الضرر البيئي القائم في البحر، والخروج بآلية تكفل عدم تأثير البيئات البحرية في المشاريع المستقبلية، بعد توجيه أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل بما نصه: «أن يتم الرفع لما تتوصل إليه اللجنة، والأخذ في الاعتبار أن هذا لا يجوز بأي حال، ولا بد من وضع حل لهذه الأعمال غير المسؤولة». وأوضحت المصادر أن «تقرير الأرصاد الذي تم رفعه للإمارة للتحقق من صحة مقطع الفيديو المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، احتوى على تسع ملاحظات، تتضمن وجود مضخة نزح مياه كبيرة، تابعة لشركة المياه الوطنية، وبإذن من أمانة جدة، على نقطة تفتيش شبكة تصريف مياه الأمطار والسيول أمام قصر المؤتمرات في حي الحمراء بمحافظة جدة، إذ تم نزح مياه صرف صحي غير معالجة بكميات كبيرة من نقطة التفتيش لمياه البحر مباشرة، وملاحظة تغير لون المياه المحيطة في المنطقة وعلى مساحات شاسعة، مع انتشار الروائح الكريهة في المنطقة». وأشارت إلى أن مصدر تلك المياه الملوثة ناتج من نزح مياه الصرف الصحي من موقع مشروع تنفيذ نفق طريق الأندلس، إذ تم كسر شبكة الصرف الصحي الرئيسة المؤدية لمحطة معالجة الخمرة من المقاول المنفذ للمشروع، وفي حينه تم تركيب مضخات نزح أخرى من شركة المياه الوطنية، لنزح تلك المياه على شبكة تصريف مياه الأمطار والسيول والواقعة في شارع فلسطين، وضخها إلى نقطة التفتيش الواقعة أمام قصر المؤتمرات، إضافة إلى استمرار تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالج لمياه البحر لنحو ثلاثة أيام. ودونت «الأرصاد» في تقريرها المرفوع إلى إمارة منطقة مكةالمكرمة أنه «أثناء عملية غلق شبكة الصرف الصحي، كي يتم إصلاح الكسر، تم طفح كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي من الخطوط الفرعية للشبكة، عبر نقاط التفتيش في حي الحمراء، وأيضاً مخالفة شركة المياه الوطنية بالتخلص من مياه الصرف الصحي، التي تم نزحها عبر الصهاريج إلى نقطة تفتيش مياه الأمطار والسيول، فيما كان يفترض التخلص منها في محطات المعالجة، ما سبب زيادة نسبة المياه الملوثة التي تم تصريفها إلى البحر، وأيضاً تكرر الكسر للمرة الرابعة (اثنتان منها في الموقع نفسها، واثنتان بالقرب من موقع أمانة محافظة جدة). ولفت التقرير إلى وجود تصريف مياه نزح غير معالجة ناتجة من عمليات الحفر في مواقع أخرى، وتصريفها عبر شبكة تصريف مياه الأمطار والسيول، وعدم إشعار الرئاسة العامة والأرصاد وحماية البيئة بما سبق ذكره، وكذلك عدم أخذ موافقة «الأرصاد» على عمليات التخلص من العمليات النازحة الناتجة من عمليات الحفر. يذكر أن «الحياة» نشرت أخيراً اتهام «الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة» لأمانة جدة بتكرار مخالفة الأوامر السامية وتوجيهات وزارة الشؤون البلدية في تنفيذ أعمال ردم الواجهات البحرية من دون الحصول على تراخيص من اللجان المختصة. وكشفت مصادر مطلعة ل«الحياة» عن وجود شكوى تقدم بها الرئيس العام للأرصاد الدكتور عبدالعزيز الجاسر، بعد ملاحظات رصدها فريق التفتيش التابع للرئاسة خلال الجولات الميدانية على ساحل منطقة مكةالمكرمة، من وجود أعمال ردم على شاطئ البحر تنفذها بلدية الشواق من دون تصريح نظامي. وأوضحت المصادر أن تنفيذ هذه الأعمال من دون العرض على اللجنة، وأخذ موافقتها مسبقاً، يُعد مخالفة للأوامر والتوجيهات السامية وتوجيهات وزارة الشؤون البلدية والقروية الصادرة بهذا الخصوص، إذ كررت الأمانة تلك المخالفات ممثلة في البلديات الساحلية بتنفيذ أعمال ردم الواجهات البحرية من دون الحصول على الترخيص اللازم لتلك الأعمال من اللجنة قبل البدء في تنفيذ أي أعمال ردم، أو تجريف على الواجهات البحرية.