قبل أن يصل حشد المتظاهرين إلى ساحة الشهداء في قلب بيروت أمس للتظاهر ضد فساد الطبقة السياسية وانسداد الأفق الخدماتي والسياسي، انشَغلت الحملات المنظمة ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية بالتحضير طوال نهار أمس للتجمّع تلافياً للإشكالات والثَّغرات التي رافقت الحراك خلال الأيام العشرة السابقة. وإذا كان اختيار ساحة الشهداء القصد منه تجنّب المواجهة مع حرس مجلس الوزراء المولج حماية السراي الكبيرة وإظهار الحملة ضد كل الطبقة السياسية وليس فقط رئاسة الحكومة، فإن منظّمي الحملة حرصوا طوال نهار أمس وعبر وسائل الإعلام التي خصّصت النقل المباشر للمواطنين والجمعيات البيئية من أجل التعبير عن رأيهم من ساحة الشهداء، على تأكيد سلمية التحرك وعلى أنه ضد الفساد في كل الطبقة من دون استثناء. وحصَر المنظّمون مطالبهم ب»محاسبة كل من أطلق النار من القوى الأمنية على المتظاهرين لإرهابهم، ومن أعطى الأوامر من أصغر عنصر فيهم حتى وزير الداخلية نهاد المشنوق واستقالته واستقالة وزير البيئة محمد المشنوق لفشله في حلّ مشكلة النفايات، وتحرير أموال البلديات من الصندوق البلدي المستقل وفرض إيجاد حل منطقي وصحّي لأزمة النفايات على الحكومة»، عدا عن أصحاب كل مظلومية وقضايا شخصية والمطالبات الشعبية بحل أزمة الكهرباء والمياه وإقرار ضمان الشيخوخة ووقف التعدي على الأملاك البحرية وتأمين فرص العمل وغيرها... أما المطالبة ب»إسقاط الحكومة والنظام» فمن المبكر إطلاقها بحسب علي سليم أحد منظّمي حملة «طلعت ريحتكم» ف»سنرفع سقف مطالبنا لاحقاً والتي تتمثّل بإجراء انتخابات نيابية بعد إقرار قانون انتخابات نسبي يؤمن التَّمثيل الصحيح ولبنان دائرة واحدة ثم انتخاب رئيس للجمهورية وبكل بساطة سنطالب بدولة مدنية عادلة عابرة للطوائف». وأضاف: «هذ الطبقة السياسية نرفضها، نريد أجيالاً جديدة ذات خبرة عالية تتسلم الوزارات والمؤسسات بشكل صحيح». وفيما حضر المواطنون قبل ساعات من الموعد المحدد للتجمّع في ساحة الشهداء يحملون الأعلام اللبنانية، عمل المنظمون من حملة «بدنا نحاسب» و»طلعت ريحتكم» و»الجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات» و»النادي العلماني في الجامعة اللبنانية - الأميركية» و»تيار المجتمع المدني» و»الحركة اللبنانية البيئية» على التّنسيق مع 500 شاب وشابة لينتشروا بين المتظاهرين، وفق علي سليم. وعمل بشير تيماني على تدوين أسماء المجموعات ليقف كل 20 متطوِّعاً في زاوية محدَّدة منها أمام ضريح الرئيس رفيق الحريري، إلى جانب جامع محمد الأمين، «فيرجين»، شارع فوش، تقاطع الصيفي، تقاطع الجميزة. ويتركزعمل المجموعات على التعاون مع الصليب الأحمر والدفاع المدني وتوزّع المياه على المتظاهرين والقبّعات، وضبط التظاهرة من الشعارات الحزبية ومن المشاغبين عبر محاولة تصويب أهداف التحرّك وفي حال عدم التجاوب ستبلغ غرفة العمليات المؤلّفة من المنظّمين التي بدورها تبلغ القوى الأمنية عنها. وبعيد الخامسة عصر أمس انطلقت مسيرة حاشدة من أمام وزارة الداخلية بمشاركة نقابيين ويساريين وفنانين و«حركة التجدد الديموقراطي» الى ساحة الشهداء عبر برج المر - باب أدريس فبلدية بيروت وصولاً الى ساحة الشهداء، فيما انطلقت مسيرة أخرى «للحركة اللبنانية البيئية» من أمام وزارة البيئة. وأكد بلال علاو المتطوّع في حملة «طلعت ريحتكم» كما حسين مبارك ويوسف عاصي «أننا سنبقى سلميين حتى إذا تعرّضت قوى الأمنية للمشاغبين وسنشكل دروعاً بشرية للوقوف بينهم». ورفع طلاب في الجامعة اللبنانية لافتات ترفض المحاصصة في الجامعة. ومن اللافتات التي رفعها المتظاهرون: «حاسبوا، سلام لأرض خلقت للسلام وما رأت يوماً سلاماً، لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا انحنيت، وقاحة، سارقون...». كثرٌ من المتطوّعين ردوا على الإشاعات التي سرت نهاراً عن أن دماً سيراق في التظاهرات بالقول: «أن في كل تظاهرة مطلبية حاشدة وفي كل أنحاء العالم يسقط جرحى وأحيانا قتلى وهذا ما يزيد من الاقبال الشعبي على التظاهرة». أما واجهات المحال التجارية في «بناية اللعازاية» فحوّلها أصحابها إلى لوحات من كرتون ليعبر المتظاهرون عن آرائهم عليها بدل الكتابة على الجدارن منها: «من بيروت أهل طرابلس هنا، لبيك يا أرض حدودي، اتقوا شرهم، شكر خاص للنفايات التي جمعتنا». وكانت مجموعة من الشباب اعترضت على شعارات طاولت في من طاولتهم الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله مساء أول من أمس خلال برنامج تلفزيوني من ساحة الشهداء. ودفع الحراك المدني في لبنان مجموعات من الناشطين في دول أوروبية وغربية منها واشنطن ولندن وبرلين وسيدني وكندا وبروكسل الى لقاءات وتجمعات لمؤازرة الحراك السلمي ولتحديد آليه دعمه من أجل انقاذ الوطن.