في وقت يصل الارتباك في الدول الأوروبية ذروته في التعامل مع «تسونامي» المهاجرين... الى الموت، تتواصل فصول المآسي الإنسانية، وبالتزامن مع حوادث غرق عشرات في مياه البحر المتوسط، باتت تسجل وفيات في البرّ أيضاً، بعد اكتشاف جثث عشرات السوريين في شاحنة في النمسا. وأعلنت المفوضية العليا للاجئين أمس، أن أكثر من 300 ألف مهاجر عبروا البحر المتوسط منذ بداية كانون الثاني (يناير) الماضي، وغرق أكثر من 2500 في البحر أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا على متن قوارب متهالكة. وبعد غرق زورق أقل مئات المهاجرين قبالة سواحل مدينة زوارة الليبية الخميس، أعلن الناطق باسم الهلال الأحمر الليبي محمد المصراتي أمس، أن اكثر من 100 جثة انتُشِلت من الموقع بوجود عدد غير معروف من المفقودين. في الوقت ذاته، ارتفع عدد الجثث التي سُحبت من شاحنة عُثر عليها في اليوم ذاته متروكة الى جانب طريق عام في شرق النمسا إلى 71 من السوريين الساعين الى حياة أفضل في أوروبا والذين يرجح موتهم اختناقاً. وأعربت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عن خشيتها من ارتفاع حصيلة القتلى في غرق الزورق قبالة زوارة الليبية، لأن 200 شخص ظلوا مفقودين إضافة الى ركاب قارب آخر كان يقل 60 شخصاً في المنطقة ذاتها. وذكرت المفوضية في جنيف أن المركبين اللذين غرقا الأربعاء والخميس قبالة زوارة، كانا ينقلان حوالى 500 مهاجر. وأفاد مسؤول في خفر السواحل الليبي بأن «الأشخاص الذين أُنقِذوا والآخرين الذين غرقوا وانتُشِلت جثثهم، كلهم من جنسيات أفريقية، لكننا غير متأكدين حتى الآن ما إذا كان هناك ركاب من جنسيات عربية أيضاً». في النمسا، رجحت الشرطة أن المهاجرين ال71 الذين عُثر على جثثهم في الشاحنة المتروكة على جانب الطريق، هم سوريون وبينهم 4 أطفال. وصرح الناطق باسم الشرطة هانس بيتر دونسكوزيل أنه عُثر على وثائق سفر سورية، وأن القتلى «على الأرجح» هم لاجئون سوريون. وأضاف: «مع ذلك لا نستطيع أن نؤكد أنهم جميعاً سوريين». وفتحت الشرطة النمسوية ونظيرتها الهنغارية تحقيقاً مشتركاً بعد اكتشاف أن الشاحنة مسجلة في هنغاريا وتحمل شعار شركة دواجن سلوفاكية. وقالت الشرطة أن 7 أشخاص على علاقة بالحادث أوقِفوا في هنغاريا، مضيفاً: «نعتقد أننا وجدنا خيطاً» قد يوصلنا إلى المهربين. وأُطلق 4 من الموقوفين ال7 في وقت لاحق. وأوضح دونسكوزيل أن المعتقلين الثلاثة هم بلغاري من أصل لبناني، قد يكون صاحب الشاحنة، و «من شبه المؤكد» أن يكون الاثنان الآخران سائقي الشاحنة، وهما بلغاري وآخر يحمل أوراقاً ثبوتية هنغارية. كما أعلن نائب مدعي عام باليرمو ماوريتزيو سكاليا أمس، توقيف 10 مهربين هم 7 مغاربة وسوريان وليبي بعد مصرع 52 مهاجراً اختناقاً على متن مركب كان يقلّهم مع 500 آخرين الى أوروبا. وقال بعد الاستماع إلى شهادات الناجين من المركب، إن عدداً من المهاجرين أُجبر على البقاء في قعر المركب حيث أدى انعدام الهواء والغازات الصادرة من العادم إلى مقتل 52 منهم. وعُثر على ناج وحيد كان بالكاد قادراً على التنفس. في غضون ذلك، قال عضو البرلمان الهنغاري جيرجلي جولياس أمس، إن بلاده تعتزم تشديد قوانين الهجرة الأسبوع المقبل وإقامة مراكز احتجاز قرب صربيا، لكنها لن تستخدم الجيش لمساعدة الشرطة على الحدود الجنوبية إلا كملاذٍ أخير.