وصل الاجداد من دون مال، يجهلون تماماً اللغة الاسبانية في مجالات التكلم والكتابة والقراءة، لكن بعض الاحفاد انشأوا امبراطوريات اقتصادية، ليحقق عرب اميركا اللاتينية بذلك نجاحا بالكد والمثابرة. وأتى الالاف من المهاجرين من اصل فلسطيني وسوري ولبناني الى هذه المنطقة، ولا سيما اميركا الوسطى، على دفعات متتالية منذ نهاية القرن التاسع عشر. وقد فر بعضهم من البؤس وبعضهم الآخر من الاضطهاد السياسي او الديني. وأحيت هيئة "كاسا أرابي" في وزارة الخارجية الاسبانية هذا الماضي في كتاب بعنوان "عرب اميركا اللاتينية: قصة هجرة". وعرضت خيما مارتن مديرة "كاسا ارابي" هذا الاسبوع في كوستاريكا "هذا الواقع غير المعروف جدا وغير المعترف به" على ما افادت, مع ان الجالية العربية هي الثالثة من حيث العدد في اميركا اللاتينية بعد الايطالية والاسبانية, ولا سيما في البرازيل حيث يبلغ عددها 12 مليونا. وحلّ عشرات من طلائع المهاجرين الذين لم يعرف عددهم بالتحديد, في الشريط الضيق الفاصل بين الاميركيتين. بعضهم بالصدفة. ففي السلفادور مثلا تؤكد شهادات ان بعض هؤلاء المسافرين الى تشيلي نزلوا من السفينة لزيارة المحيط ولم يعودوا في الوقت المناسب فابحرت السفينة من دونهم, على ما يفيد روبرتو مارين غوزمان استاذ اللغة العربية وتاريخ الشرق الاوسط في جامعة كوستاريكا. ووصل الكثير من هؤلاء الركاب ومعظمهم من مسيحيي الشرق الاوسط، مع 15 الى 20% من المسلمين, الى هندوراس على ما جاء في الكتاب الصادر عن "كاسا ارابي". ولا تزال الكثير من العائلات من اصول فلسطينية نافذة جدا في اقتصاد البلاد على ما يؤكد مصدر دبلوماسي. وتعتبر عائلات مثل قطان وحنظل وسمعان وسلوم وقنواتي وسمارة من النخبة السياسية - الاقتصادية في المنطقة. وقد اصبح بعض افراد هذه العائلات رؤساء في البلاد التي استقبلتهم مثل كارلوس روبرتو فلوريس فاقوس في هندوراس وانطونيو سقا في السلفادور وكارلوس منعم في الارجنتين وجميل معوض في الاكوادور. الا ان النجاح الابرز في صفوف هؤلاء المهاجرين هو بالتأكيد الذي حققه رجل الاعمال الارجنتيني كارلوس سليم وهو من اصل لبناني والذي يعتبر ثالث اغنى رجل في العالم. وقد اسس مهاجر من اصل لبناني اخر هو ميغيل برصونا العام 1976 بورصة كوستاريكا. وغالبية طلائع المهاجرين كانوا من التجار المتجولين في البداية الذين ما لبثوا ان اقاموا في المدن على ما يوضح مارين غوزمان. واصبح هؤلاء في ما بعد صناعيين ولا سيما في مجال النسيج. ويشدد مارين غوزمان "اليوم هؤلاء المهاجرون لا يتكلمون العربية واعتمدوا اسماء اسبانية وتماهوا تماما مع بلدهم الجديد" او بلد الولادة للاجيال التالية. ولكنه يؤكد ان ذلك لم يبعدهم عن جذورهم اذ انهم حافظوا على التقاليد والرقصات والموسيقى في نواد وجمعيات مختلفة, موضحا ان الشباب منهم يظهرون راهنا اهتماما متجددا بثقافة اجدادهم ولغتهم. ___________ * آنا فرنانديز