صنّف باحثون منطقة الشرق الأوسط «أكثر مناطق العالم افتقاراً للأمن المائي». إذ توقع خبراء بعد تصنيفهم 167 دولة لجهة توافر المياه، أن «تواجه 13 دولة في الشرق الأوسط فضلاً عن الأراضي الفلسطينية أزمة خانقة في المياه خلال 25 سنة». وحددت «ثماني دول من بين العشر الأولى عالمياً المرشحة لهذه الأزمات، وهي البحرين والكويت والأراضي الفلسطينية وقطر والإمارات واسرائيل والسعودية وسلطنة عُمان». وعزت هذه الأزمة إلى «ندرة المسطحات المائية واشتداد الطلب على المياه». وأشار باحثون من «المعهد العالمي للموارد المائية» الذين وضعوا المقياس الأول لمدى شدة المنافسة على المسطحات المائية مثل البحيرات والأنهار، ولنفاد هذا المخزون على مدار كل عقد من عام 2010 وحتى 2040، الى أن منطقة الشرق «كانت أكثر مناطق العالم من حيث الافتقار للأمن المائي». ولاحظوا أن هذه الدول «تسحب المياه الجوفية بغزارة وتقوم بتحلية مياه البحار، وتواجه تحديات استثنائية تتعلق بالمياه في المستقبل المنظور». وأكدت مديرة البرنامج العالمي للمياه في المعهد بيتسي أوتو، ضرورة أن «تتفهم الحكومات الأخطار المحتملة التي تواجهها في ما يتعلق بالمياه اللازمة لتسيير شؤونها الاقتصادية، بما في ذلك ازدياد الطلب الناجم عن الزيادة السكانية، فضلاً عن الآثار غير المؤكدة لتغير المناخ». وأشارت في حديث إلى «تومسون رويترز»، إلى سنغافورة التي تشكل نموذجاً لدولة تستعين بالأساليب المبتكرة، قائلة: «الأنباء السارة هي أن في إمكان الدول اتخاذ قرارات للحد من هذه الأزمة، وتجنب الأخطار المرتبطة بكيفية إدارة موارد المياه». ومن بين الأساليب التي قد تشيع في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى، أنظمة إعادة استعمال المياه التي تقوم بمعالجة مياه الصرف الصحي. ورأت أوتو أن «لا جدوى من معالجة المياه إلى مستوى المياه القابلة للشرب وإتاحة استخدامها في المنازل، ثم تهدر في شبكات الصرف الصحي». ولفتت إلى أن بعض دول الشرق الأوسط «يعوّل على تحلية المياه من خلال إزالة ملوحة مياه البحار وتلك الجوفية، وربما يواجه مثل هذه الدول وغيرها التي تشهد أزمات، عجزاً عن توفير الغذاء اللازم لشعوبها». وقال خبراء المعهد إن السعودية على سبيل المثال تفيد بأن «شعبها سيعتمد في شكل أساس على واردات الحبوب بحلول عام 2016». وفيما تمثل الاضطرابات السياسية مبعث القلق الرئيس اليوم في الشرق الأوسط، و «ربما كان الجفاف ونقص المياه في سورية، سب الاضطرابات الاجتماعية التي أذكت الحرب الأهلية فيها». ونزح نحو 1.5 مليون شخص غالبيتهم من المزراعين والرعاة إلى مناطق عمرانية، فيما عجزوا عن الحصول على فرص عمل وخدمات كافية. ولم يغفل الخبراء أن تكون المياه «لعبت دوراً مهماً في الصراع الممتد منذ عقود بين الأراضي الفلسطينية واسرائيل». وإذ استبعدت اوتو أن «تصبح المياه سبباً للصراع»، توقعت أن «تكون عنصراً لتسريع وتيرته أو مضاعفة الصراعات». وشمل التحليل أربع دول يُتوقع أن تواجه أزمة حادة في المياه بين عامي 2010 و2040، هي تشيلي واستونيا وناميبيا وبوتسوانا، ما يضيف أعباء جديدة على نشاطاتها التجارية والزراعية والمجتمعية. وحذرت من أن التصنيف على المستوى القومي «يخفي خلفه تفاوتاً ضخماً بين الدول، إذ صُنّفت الولاياتالمتحدة 49 في عام 2010 و47 عام 2040، لكن كاليفورنيا تكابد أزمة جفاف خانقة. وتوقعت اوتو أن «يشهد بعض هذه الدول زيادة في إمدادات المياه مستقبلاً من خلال مياه الأمطار بسبب التغير المناخي. كما يمكن أن يعوّل قطاع الزراعة على مياه الأمطار بدلاً من مياه الري ما ينقذ الطلب المباشر على مياه المسطحات المائية». وعن الوضع في جنوب القارة الأفريقية ومناطق أخرى في العالم، حيث يُرجّح نضوب المعروض من المياه مع تعاظم الطلب، شددت أوتو على «ضرورة تحرّك صناع السياسة للحؤول دون تفاقم أزمة المياه». وأكدت «الحاجة إلى تفهّم العلاقة بين المعروض المتاح من هذه المياه والطلب عليها، وعلينا اتخاذ خطوات لاستهلاك المياه في شكل أكثر كفاءة».