ينتشر مئات الباعة الجوالين، ومعظمهم من الأطفال دون ال15 عاماً، على شواطىء مدينة غزة، حيث يبيعون الألعاب والشاي والقهوة للمصطافين، على رغم درجات الحرارة المرتفعة. وتعتبر هذه المهن الصغيرة مصدر رزق وحيد لعدد كبير من العائلات في غزة التي يعاني أهلها من الفقر المدقع بسبب قلة فرص العمل والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ثماني سنوات. وأوضح تقرير نشره «مركز الإحصاء الفلسطيني»، في العام 2015، أن عدد العمال الأطفال في قطاع غزة بلغ حوالي 8000 طفل، وهذه العمالة تهدد سلامة الطفل وصحته ونموه ومستقبله. * لم يتعد نضال أبو موسى ال13 من العمر. ينطلق عند التاسعة صباحاً إلى شاطئ البحر لبيع القهوة، ويجتاز أكثر من 6 كيلومترات يومياً من أجل 20 شيكلاً، أي ما يعادل 6 دولارات. ويغطي أبو موسى بما يكسبه مصاريف البيت الذي يعيش فيه مع والده، العاطل عن العمل، وسبعة من أخوانه. ولم يخف الشاب الصغير حال التعب التي يشعر بها خلال ممارسته لمهنته على الشاطئ، لكنه يقول إن لا خيار آخر لديه غير العمل. أما الكفيف أحمد أبو مصطفى (40 عاماً) وزوجته المبصرة، فأصبحا من معالم الشاطىء، حيث يصادفهما كل من يزوره. يبيعان الشاي طيلة النهار ولا يغادران المكان إلا مع غروب الشمس. ويتجول خليل الملاحي على الشاطئ مع جمله ليكسب عيشه، موضحاً أن «المشي على الشاطئ برفقة جملي هي مهنتي. المصطافون يقومون بركوب الجمل مقابل شيكل واحد لكل مشوار». ويحصل الملاحي بعد يوم مرهق وطويل على نحو 40 شيكلاً. * عمل ليلي مع بدء غروب الشمس، يتجه أحمد (12 عاماً) وشقيقه عثمان (10 أعوام) إلى الشاطئ لبيع ألعاب مضيئة لا يمكن عرضها إلا في الليل، لأن أضواءها المشعة تلفت الانتباه في الظلام. ويوضح أحمد أنه بدأ العمل منذ بداية الصيف، متابعاً: «لا أعود للبيت إلا بعد بيع الألعاب التي بحوزتنا أنا وشقيقي». ويضيف أنه غير سعيد بقدوم الصيف، لأنه يمضي أيامه بالعمل المرهق، مشيراً إلى أن عمله لساعات على الشاطئ يحرمه من «اللعب مع الأصدقاء وحضور المباريات التي أحبها». لكن أحمد أكد أنه لن يبقى على هذه المهنة، بل سيكمل دراسته ويدخل الجامعة ليصبح معلماً. وتحتل غزة المرتبة الثالثة عربياً من حيث أعلى معدلات الفقر بعد السودان واليمن، وفقاً لتقرير صدر أخيراً من «البنك الدولي». ويعاني نحو 13 في المئة من الأفراد في فلسطين من الفقر المدقع، بواقع 7.8 في المئة بالضفة الغربية و21.1 في المئة في القطاع الذي يشغل المرتبة ال44 عالمياً من حيث انتشار معدلات الفقر بين السكان.