تلوح في الأفق بوادر أزمة مالية عالمية جديدة، بدت ملامحها أول من أمس في البورصات وأسواق المال العالمية، إذ سجلت مؤشرات أسواق المال الدولية انخفاضات حادة، كان أعلاها في بورصات الصين، بعدما مسح مؤشر شنغهاي مكاسب العام كاملة، بعد تراجعه 8.5 في المئة. وتعد تلك الخسارة الأكبر في تاريخ المؤشر منذ نحو سبعة أعوام، وتحديداً في ذروة الأزمة المالية العالمية عام 2007. وقال محللون ماليون تحدثوا ل«الحياة» إن «ما حدث في أسواق المال الصينية انعكس بشكل مباشر على الأسواق العالمية، لا سيما السوق السعودية، التي واصل مؤشرها هبوطه لليوم الثاني على التوالي اليوم (أمس)، محققاً خسائر بمعدل 5.9 في المئة، وسجل أدنى مستوى له منذ شباط (فبراير) 2013، وأغلق متراجعاً 438 نقطة». وأوضحوا أن تأثير انهيار البورصات الصينية لم يتوقف على السوق السعودية، وطاول الأسواق الخليجية التي تكبدت خسائر لليوم الثاني على التوالي، إذ خسرت سوق دبي المالية، وتراجع مؤشرها 1.4 في المئة، ووصل إلى 3443 نقطة، وهبط مؤشر بورصة مسقط بنسبة 2.58 في المئة، وبورصة الكويت 1.4 في المئة، وقطر 1.10 في المئة، وأخيراً البحرين التي تراجع مؤشرها بنسبة 0.55 في المئة. وأشاروا إلى أن انهيار البورصة الصينية تزامن مع انخفاض أسعار النفط، الذي سجل أدنى مستوى له منذ سبعة أعوام، إذ بلغ سعر البرميل 39 دولاراً في تعاملات أمس. وعزوا سرعة تجاوب السوق السعودية مع الانخفاضات العالمية إلى «طبيعة السوق» التي يسيطر المستثمرون الأفراد على تعاملاتها. وبينوا أن أكثر العوامل التي تؤثر في المتداولين الأفراد هي الحالة النفسية، التي تتسبب في اتخاذهم في كثير من الأحيان قرارات سريعة غير مدروسة تكون مبنية في الغالب على انفعالات، بخلاف الأسواق التي يغلب عليها الطابع المؤسساتي، إذ تكون القرارات مدروسة وبعيدة عن العاطفة وبناء على معطيات اقتصادية. وأوضح المحلل المالي ماجد الجميل أن «سوق الأسهم السعودية تتأثر بالكثير من المعطيات الاقتصادية الداخلية، إضافة إلى المعطيات الخارجية، التي تتمثل في نقطتين هما الانهيار الحاصل في أسواق المال الصينية وانخفاض أسعار النفط. وقال الجميل: «إن المعطيات الداخلية التي حدثت في الأشهر الماضية لها أثر مباشر في سوق الأسهم السعودية، ومنها توقعات عجز الموازنة، إضافة إلى تراجع عمليات الإيداع لدى المصارف المحلية، مقارنة بما كان الوضع سابقاً». وأضاف أن «سيكيولوجية الإفراط» في التفاؤل لدى المتداولين، خصوصاً في ما يخص خبر السماح للمؤسسات الأجنبية بالتداول المباشر في سوق الأسهم السعودية، أسهم بشكل كبير في رفع مؤشر السوق في فترة من الفترات بمعدلات عالية، وما ساعد على ذلك التضخيم الكبير لتأثير هذا القرار من بعض وسائل الإعلام». ونوه الجميل إلى أن «أسعار النفط التي هبطت بشكل كبير في الأشهر الثمانية الماضية، كان لها أثر سلبي في عملية التدوال داخل السوق، لا سيما أن أي خبر حول تراجع جديد لأسعار النفط يقابله انخفاض في المؤشر داخل السوق». ولفت إلى أن النظرة العامة للمؤشر عموماً، والتحليل الفني لما يحدث خصوصاً، يفيد بأن «ما يحدث حالياً في السوق السعودية هو بناء على معطيات موجودة دعمت ما حصل من تراجعات قوية منذ أول هبوط شهدته السوق عندما كان عند حاجز 11.159 نقطة».