لا مكان للمقاعد الدراسية، ولا مجال لتحمّل أعباء الطريق وزحمة السير. فعلى شبكة الإنترنت، ثمة موقع عربي موسيقي يختصر على عشاق هذا الفن طريقاً وأياماً وجهداً في تعلّم أبجديات الموسيقى أو احتراف العزف على آلاتها. «اعزف» هو موقع إلكتروني يعتبر الأول عربياً لتعليم الموسيقى، فتح أبوابه أمام هواة غير قادرين على التوجّه إلى قاعات التعلّم وتحمّل الأعباء المادية. ومجرد أن تدخل إلى الموقع، مختاراً آلتك المفضّلة، حتى يطل عبر شاشة الحاسوب، مدرّس ليبدأ معك أول التمارين الموسيقية سواء النظرية منها والعملية، فما عليك إلا أن تطبّق إرشاداته بكل رنة وتر وصوت مزمار. وحين تجتمع جودة الصوت والصورة مع أداء المدرّس، يبدأ التفاعل الملحوظ من المشتركين في موقع «اعزف»، الذي يتيح لهم من خلال الفيديوات أن يسجّل الطالب ما يتم تلقّيه مباشرة حتى يستطيع إعادة محتوى الفيديو إذا احتاج إلى ذلك. رامي، طالب موسيقي وجد ضالته في موقع» اعزف»، بعيداً من المعاهد التعليمية. ويقول في حديث إلى «الحياة»، أن وقته غير كاف للالتحاق بالمعاهد الموسيقية، موضحاً أنه لم يعثر على موقع آخر بدقة «اعزف» ووضوحه بعدما تعلّم أساسيات المهمة لآلة الغيتار. أما فيصل، عازف العود، فلم تكن له علاقة بالموسيقى، إلا بعدما وجّهه صديقه إلى موقع «اعزف»، وتعرّف الى أنواع الموسيقى، مبيناً أنه وجد في تعلّم المقطوعات وسماعها تهذيباً للنفس ومساعدة الفرد على الاندماج بالمجتمع في طريقة تسهل عليه التعبير عما يحلو له عبر الآلة. وأخذ هذا الموقع على عاتقه، مهمة نشر الثقافة العربية الأصيلة من خلال جمعه بين أطياف الموسيقى الشرقية، لا سيما آلات العود والناي والكمان والقانون، إضافة إلى البيانو والغيتار، ناهيك عن قسم المقطوعات الغنائية المتوافرة لتعليم مقاماتها لمن يرغب في التعلّم. ويحرص الموسيقي الأردني طارق الجندي، على توصيل آلة العود خصوصاً والموسيقى العربية عموماً إلى العالم العربي، موضحاً أنه ينوي دبلجة الفيديوات الى اللغة الإنكليزية حتى تصل هذه الموسيقى إلى الغرب أيضاً. وفي آخر تحديثات للموقع، سجّل أعضاء الموقع دورات على آلة العود والناي والطبل يقدّمها موسيقيون مصريون، إضافة إلى مطربين أبرزهم المغني ريبال خضري. وواجهت فكرة إطلاق هذا الموقع عقبات كثيرة تعامل معها الموسيقي بشر أبو طالب، فعقبة المكان والوقت والتكاليف دفعته إلى التفكير في إطلاق موقع يحتوي على برامج تعليمية تبدّد أكبر المشكلات التي يواجهها أي راغب في التعلّم على آلة موسيقية ما. وبعد نجاح هذه المنصة الأردنية منذ انطلاقها عام 2012، تجوّل أعضاء الموقع بين المدارس الحكومية الخالية من التعليم الموسيقي، لإلقاء محاضرات نظرية وعملية عن أهمية الإقبال على الموسيقى. وأدت هذه الخطوة إلى تقليل نسبة العنف في بعض المدارس، وفق معلّمين. ويقول مدير البرامج التعليمية في «اعزف» نزار حمود، أن حملة «اعزف في مدرستي، تهدف إلى نشر الموسيقى في المدارس الحكومية الأقل حظاً في التعليم»، موضحاً أن هناك خطة لتغطية كل المدارس في الأردن. وجذب الموقع الذي يحتوي على 900 فيديو، 2000 مشترك من 53 دولة، غالبيتهم من السعودية ومصر والمغرب. ويغذي الموقع 6 موسيقيين أردنيين محترفين، لديهم خبرة أكاديمية واسعة وفرق ومقطوعات خاصة بهم، ومنهم طارق الناصر وطارق أبو كويك وبشر أبو طالب.