نالت الصحافة اليمنية والعاملون فيها نصيبهم من العنف والقتل والترويع منذ أن فرضت ميليشيات الحوثي سيطرتها على أجزاء واسعة من اليمن بقوة السلاح، وتزايدت جرائم الحوثيين ضد المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها بشكل منتظم ومتصاعد في الأشهر الأربعة الأخيرة، وسط تقارير عن حالات خطف واحتلال لمقرات إعلامية وإحراقها. وشدد مسؤول لجنة الحريات بنقابة الصحافيين اليمنيين أشرف الريفي ل «الحياة» على أن ما تعرضت له الحريات الإعلامية في اليمن منذ انقلاب الحوثيين تضمن انتهاكات جسيمة وممنهجة لم يشهدها الإعلام اليمني منذ الوحدة عام 1990. وقال الريفي: «أثبتت الوقائع أن الجماعة (الحوثي) تستهدف الحريات الصحافية الإعلامية بهدف إلغاء التعددية السياسية والإعلامية وفرض الصوت الواحد»، مشدداً على أن «هذا التوجه التعسفي مدان ومرفوض تماماً وسنظل نقاومه حتى آخر رمق». وأضاف: «لم يقتصر هذا الاستهداف على اقتحام وسائل الإعلام ونهب محتوياتها، واختطاف الصحافيين، وملاحقتهم، وإغلاق الصحف، والقنوات، ومكاتب وسائل الإعلام الخارجية، وحجب المواقع الإلكترونية، بل وصلت الحال إلى حد قتل الصحافيين ووضعهم دروعاً بشرية كما هي حال الصحافيين عبدالله قابل ويوسف العيزري اللذين قتلا في غضون الحرب الظالمة التي شنها الحوثيون». وحمّل الريفي جماعة الحوثي مسؤولية ما تعرضت له الحريات الصحافية خلال الفترة الأخيرة من «قمع وتقييد وتنكيل». وقال: «إن نقابة الصحافيين رصدت ما يقارب 180 حالة انتهاك خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، وهو رقم مرعب ويوضح مستوى العدائية تجاه الصحافة والصحافيين»، مشيراً إلى أن عدد الصحافيين المعتقلين الذين لا يزالون في المعتقلات بلغ 13 صحافياً. من نحو40 حالة اعتقال واختطاف خلال النصف الأول من العام الحالي. ولفت إلى أن 12 صحافياً يُعتبرون في عداد المختطفين والمخفيين في سجون ميليشيا الحوثي، وهم: جلال الشرعبي مدير مكتب قنوات mbc السعودية (اختطف من منزله في 23 من نيسان/أبريل)، ووحيد الصوفي (مخفي قسراً منذ 6 من أبريل)، وعبدالخالق عمران، وتوفيق المنصوري، وحارث حميد، وهشام طرموم، وهشام اليوسفي، وأكرم الوليدي، وعصام بلغيث، وحسن عناب، وهيثم الشهاب، وجميعهم اعتقلوا تباعاً منذ التاسع من حزيران (يونيو) الماضي. من جانبه، أشار وزير الإعلام اليمني السابق علي أحمد العمراني في تصريح إلى «الحياة» إلى أنه عندما كان الحوثي الطرف الأضعف في الحروب الستة كان معظم الإعلاميين يقفون إلى جانبه، ولكن عندما اجتاح البلاد كان الإعلاميون من أول ضحاياه، وعاملهم بكل قسوة، ويكفي أنه اتخذ من بعضهم دروعاً بشرية ليموتوا جراء القصف الجوي. وأضاف: «الحوثي كارثة وطنية شاملة ونال الصحافة والإعلام نصيب كبير من تلك الكارثة الماحقة». ونظمت نقابة الصحافيين اليمنيين عدداً من الوقفات الاحتجاجية تضامناً مع الصحافيين المختطفين البالغ عددهم 13، ومع المؤسسات الإعلامية التي نهبت محتوياتها وأغلقتها ميليشيا الحوثي بمقرها في العاصمة اليمنية صنعاء. وأوضحت مصادر في الأمانة العامة لنقابة الصحافيين أن عدداً كبيراً من المؤسسات الإعلامية والصحافية أغلقت ونهبت محتوياتها من ميليشيا الحوثي التي اختطفت تسعة صحافيين من أحد الفنادق بصنعاء في 9 حزيران (يونيو) الماضي، كما أن مصير الصحافي وحيد الصوفي الذي اختطف قبل أشهر ما زال مجهولاً حتى اللحظة. وبحسب تقارير صحافية سابقة، طالبت منظمتا «هود» و «يمن» المعنيتان بالدفاع عن الحقوق والحريات، بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، وحملتا الحوثيين المسؤولية الكاملة عن الإجراءات التعسفية والإخفاء القسري للصحافيين. واعتبرتا أن استمرار اعتقال الصحافيين يعد شكلاً من أشكال مصادرة الحق في حرية الرأي والتعبير، علاوة على انتهاك الحقوق الأساسية في الحرية. وكما قالت الصحافية الهولندية (جوديف اسبيخل) في مقالة سابقة لها والتي كانت موجهة إلى خاطفيها باليمن: «عليكم أن تخجلوا من احتجاز الناس حتى لو كنتم تُطعمونهم المنّ والسلّوى كل يوم».