في رمضان الماضي عرض مسلسل «الكابوس» بطولة غادة عبدالرازق ومحمد شاهين وأحمد راتب وأيتن عامر، تأليف هالة الزغندي، وإخراج إسلام خيري. والزغندي التي شاركت في كتابة مسلسلي «موجة حارة» و»ذات»، انفردت هذا العام في عملها الأول الذي تقدم نفسها من خلاله كمؤلفة، ولجأت إلى الكتابة الدائرية في الحلقات الأولى من العمل. فالحلقة تبدأ بمشهد كابوس يرشد إلى تفاصيل بحيث تستيقظ الأم (عبدالرازق) لتتبع ما رأته كاشفة جريمة قتل بشعة حدثت لإبنها. ولأكثر من ثماني حلقات، تستمر هذه الدائرية المتمثلة بكابوس يحمل المعلومات التي تؤدي إلى كشف غموض، وغموض يقود إلى آخر، وأم تسعى إلى إخفاء التفاصيل عن الشرطة. وينكسر هذا الاسلوب عندما تنكشف تفاصيل الجريمة. وبعد ذلك يسقط المسلسل في نسوية لا تخدمه. أجادت هالة في رسم شخصياتها والانتقال من حدث إلى آخر بنعومة، إلا أن شخصية «ضابط المباحث» لم تكن بحيوية الشخصيات الأخرى، بل بدت كأنها تراعي الصورة المثالية لضابط الشرطة. كما أن شخصية عبدالله (عبدالعزيز) لم تكن متقنة، فعبدالله الذي قدم نفسه لمشيرة (غادة عبدالرازق) سائق تاكسي، هو نفسه الذي يتفرغ لإيصال مشيرة ويعاونها في كشف الألغاز التي تُحيط بقتل ابنها، لكنه يرفض أن يأخذ مقابلاً مادياً في بعض الأوقات. غادة عبدالرازق التي عُرفت كممثلة في أدوار إغراء، تتخلى في هذا المسلسل عن تلك الصورة، وتُقدم دور أم مكلومة في ولدها، ثكلى تبحث عن قاتل ابنها. أوضحت الممثلة لمحبيها كم هي متمكنة من موهبتها ومهاراتها. وكانت عبدالرازق تبكي في كل حلقة تقريباً، ما أكسبها تعاطف الفئة الكبرى من مشاهدي الدراما وهن الأمهات والنساء. وسعت أيتن عامر أيضاً إلى تقديم شخصية مختلفة عما قدمته، إذ تظهر في عملي «بين السريات» تأليف أحمد عبدالله إخراج سامح عبدالعزيز، و»العهد: الكلام المباح» تأليف محمد أمين راضي وإخراج خالد مرعي. وهذا الظهور المتعدد كان في مصلحة موهبتها إذ بات من اليسير على المشاهد أن يرى مهاراتها كممثلة تخطو خطواتها بقوة نحو ترسيخ اسمها. أما أحمد راتب فبات ناضجاً بما يصعب التحدث عن إلمامه بالشخصية وأدائها. ويستدعي التحدث عن «الكابوس» الإشادة بإسلام خيري كمخرج يضطلع بالأعمال التي تبقى في ذاكرة المشاهد، لأن تقديم المسلسل أبطاله في أدوار مختلفة عن الصور المعتادة عنهم، كشف دور المخرج وتوجيهاته الواضحة التي لا يغفل عنها حتى المشاهد العادي. واعتبر خيري أن اللجوء إلى أماكن حقيقية في التصوير مبتعداً عن العلب الجاهزة والتي تدربت عين المشاهد على رؤيتها في أعمال أخرى، يعطي المشاهد جواً من الواقعية، كما أن التصوير واختيار الزوايا كانا لافتين ومميزين بحيث أكملا الحالة واستطاعا أن يصنعا حالة «كابوسية» تصنع حالة تشويق لدى المشاهد. أما المآخذ التي يمكن تسجيلها فهي مثالب يمكن التغاضي عنها وتمريرها إزاء تماسك البنية الدرامية وحال التشويق التي امتدت من الحلقة الأولى وحتى الأخيرة، بحيث تصبح نقاط الإشادة بالعمل بكل مكوناته أكثر أهمية من التوقف عند الثغرات.