تسبّب إحجام البنوك السعودية وتشدّدها في عملية الإقراض والتمويل الى انخفاض الطلب على الفلل السكنية في الرياض وانخفاض أسعارها بنسبة كبيرة تجاوزت 20 في المئة، في الوقت، في حين تؤكد فيه الدراسات العقارية أن 55 في المئة من الشعب السعودي لا يملكون وحدات سكنية خاصة بهم. وقال الخبير العقاري الدكتور عبدالله المغلوث ل«الحياة: «إن مشكلة التمويل أصبحت تؤرق الكثير من القطاعات الاستثمارية والأفراد الباحثين عن تمويل سواء للمشاريع الكبرى أو لشراء شقق أو فلل سكنية صغيرة، مشيراً الى أن شح التمويل يعود الى عدم وجود آليات صادقة وواضحة لبرامج التمويل ما جعل الكثير من المصارف يتراجع عن تقديم قروض وتمويل، خصوصاً عقب الأزمة العالمية ومشكلة الرهن العقاري الذي ضرب معظم الأسواق العالمية». وأوضح أن الركود وانخفاض الطلب على الفلل السكنية «كان طبيعياً جداً، خصوصاً في ظل وجود عدد من العقبات من أهمها التمويل في المقام الأول ثم عدم مراعاة المطورين العقاريين لشريحة كبيرة من المواطنين، وهي الشريحة المتوسطة، إذ يعمل هؤلاء المطورون على تنفيذ مشاريع عالية التكاليف وطرحها للبيع ما يجعل الإقبال عليها ضعيف». ولفت المغلوث إلى أن هناك مستهلكين في السابق كانوا يعتمدون على تمويل شراء مشاريعهم من مداخيلهم الذاتية إلا أن ارتفاع الأسعار لمعظم السلع ووجود التزامات اخرى تتطلب سيولة مالية جعل الكثير منهم يؤجل شراء منزل حتى تتحسن الظروف او تنخفض الأسعار. وأكد أن المملكة «بحاجة إلى أكثر من 160 ألف وحدة سكنية سنوياً بكلفة تتجاوز 72 بليون ريال، إضافة الى حاجتها خلال الثلاثين سنة المقبلة إلى أكثر من 3.5 تريليون ريال لبناء مشاريع سكنية، خصوصاً في ظل النمو السكاني الكبير الذي تشهده المملكة سنوياً». مشيراً إلى أن القطاع العقاري ينمو سنوياً بنحو 2.9 في المئة، وهذا النمو لا يواكبه برامج تمويلية لتنفيذ المشاريع السكنية وغير السكنية، مشيراً إلى أن 55 في المئة من الشعب لا يملكون وحدات سكنية خاصة بهم، خصوصاً أن الفئة الكبيرة من الشعب هم من الشباب الباحثين عن استقرار. وطالب الشركات العقارية «ببناء وحدات سكنية سواء فلل او شقق تفي بطلبات المواطنين وبأسعار مناسبة وذات جودة عالية». من جهته، أرجع رئيس مجموعة عقارية نايف السبهان أسباب تراجع الطلب على الفلل السكنية الى عدم وجود قروض وتمويل للكثير من الأفراد، إضافة الى ترقب الكثير من المستهلكين لنزول جديد للأسعار بشكل عام، ولمواد البناء المختلفة حتى ينعكس ذلك على المشاريع العقارية بشكل إيجابي وبالتالي شراء سكن بسعر مناسب. وبيّن أن هناك «طلباً على الأراضي في الوقت الحاضر بسبب استقرار أسعار مواد البناء الذي جعل الكثير من الناس يبحث عن أرض، ويقوم بإنشاء مسكنه عليها، لافتاً إلى أن الفرصة متاحة أمام المستثمرين للتوسع في بناء الفلل بعد نزول أسعار الحديد من 6 آلاف إلى 2000 ريال». وأشار السبهان إلى أن القطاع العقاري بشكل عام يشهد ركوداً منذ أشهر عدة في ظل تشدد البنوك في إجراءات منح التمويل العقاري للأفراد. فيما رأى العقاري عبدالله الشهري أن زيادة كمية المعروض من الفلل السكنية، خصوصاً في الفترة التي سبقت الأزمة «تسبب في تراجع الطلب عليها بنسبة تتجاوز 20 في المئة عقب الأزمة، وبالتالي اتجه الكثير من المستهلكين إلى البحث عن أراض». وكشف أن هناك عدداً من المستثمرين العقاريين يطرحون الآن عروضاً كبيراً وبأسعار مخفضة، خوفاً من تراجع الأسعار بشكل يؤدي إلى الخسارة، لافتاً إلى أن بعض البنوك تقدم قروضاً، ولكن بشكل محدود وبسعر فائدة مرتفع.ويرى أن انخفاض أجر العمالة وتوافرها في السوق السعودي أدى أيضاً إلى انخفاض أسعار الفلل، حيث من المتوقع ان السوق ستشهد خلال العام الحالي تراجع في بناء الوحدات السكنية، خصوصاً الفلل بسبب الإقبال على الأراضي.