اختار المصور العماني سيف بن ناصر الهنائي عنوان «ألوان تونس» ليكون نافذة أمام متابعيه في معرضه الذي استضافته الجمعية العمانية للفنون التشكيلية في مسقط، عبر مجموعة صور «تجسد العراقة والأصالة التاريخية لهذا البلد من خلال العمران التونسي الذي يحكي بحد ذاته قصصاً جميلة». ووسط حضور ديبلوماسي عربي يتقدمه السفير التونسي في السلطنة طارق الأدب قدم الهنائي نفسه من خلال رؤيته لتونس، مختاراً تناغم الألوان في عمرانها. وقال السفير التونسي إن الألوان منذ الأزل كانت «تعبيراً وإحساساً ورسالة وربّما عنواناً ورمزاً لهوية تاريخية وثقافية وجمالية واجتماعية». وأضاف أنه «في محيط حياتنا اليومية بكلّ أبعاده، نحن محاطون بألوان وصور تتداخل وتتغيّر، وتؤثّر فينا وتعبّر عنّا من دون أن ننتبه بالضرورة لذلك، فهي في الحقيقة انعكاس لنا ولمكوّنات واقعنا وحياتنا وثقافتنا». ورأى الأدب أنه «في خضمّ جلبة الحياة اليومية تستوقفنا أحياناً صور وأعمال فنية، ترصد هذه الألوان وتخرجها من نمطية الشيء المعتاد وتبرز رمزيتها ومدى ارتباطها الوثيق بنا، وتمنحنا الفرصة لقراءتها والتعمّق فيها وإعادة اكتشافها كمحامل ثقافية وحضارية»، مشيراً إلى أنها «كالمرآة التي نرى فيها أنفسنا بمقاييس أخرى أكبر من مقوّماتنا الشخصية الذاتية». ويرى المصور الهنائي «أن بلداً بهذا الجمال يدعوك الى السباحة في غور تفاصيله من دون استئذان. وعلى رغم أنه من الاستحالة الوقوف على كل جماليات الألوان المرتسمة على لوحة العمران التونسي، غير أن ما يدرك لا يترك جله من هنا أتى معرض ألوان من تونس كبطاقة دعوة مفتوحة للإبحار في روعة الألوان من قلب تونس الخضراء». ويقول الهنائي في حديث إلى «الحياة» إن تونس بلد جميل ذو طبيعة خلابة وتراث غني متعدد بحكم تعاقب العديد من الحضارات عليه بدءاً من الحضارة الرومانية، ثم الفينيقية وصولاً الى الحضارة الإسلامية بحقبها المتعددة، إضافة الى ثقافة البحر المتوسط . ويوضح أن زيارته الأولى لتونس كانت عام 2009 بدعوة من وزارة الثقافة فيها لإقامة معرض لأعماله في مدينة الحمامات الساحلية. ويقول: «منها كانت بداية ترددي على تونس، وأخيراً قررت أن أنظم معرضاً لانطباعاتي البصرية التي تبرز بعضاً من ملامح الحياة، خصوصاً التراث المعماري وتفاصيله والألوان التي تتميز بها تونس والتي تعكس المكنونات الثقافية لهذا الشعب». يعتبر الهنائي أن الصورة بالنسبة اليه «وسيلة تعبير لتوصيل الانطباعات والأحاسيس والرؤى، حالها حال بقية الفنون من رسم وموسيقى وكتابة القصص والشعر»، مشيراً إلى أن التقنية وبرامج المعالجة الرقمية «لها دور كبير في تحسين الصورة وتعزيز مضمونها متى ما استخدمت بالشكل الصحيح الواعي، وأنا استخدمها بحذر وبقدر تحقيق التحسين من دون الوصول الى درجة إخراج الصورة من واقعيتها حتى لا تفقد روحها ومضمونها». ويقول الهنائي إن المصور الضوئي أو أي مشتغل في أي مجال، ينبغي عليه الاطلاع على كل جديد يقع في إطار ادواته، وفي الوقت الحاضر كون هذه الأدوات مرتبطة بالعالم الرقمي وهذا العالم متغير في شكل يومي وسريع، فهذا حتماً يتطلب متابعة فوريه ومستمرة، منوهاً بأن «القواعد والأساسيات ثابته، حيث الإحساس والرؤية هما الأساس لخلق صورة ناجحة تستثير المشاعر والأحاسيس لتوصيل الفكرة الى المتلقي». يذكر أن الهنائي تولى لفترة رئاسة الجمعية العمانية للتصوير في مسقط وفاز بجوائز عربية وعالمية، وله إصدارات متخصصة في التصوير، وشارك في تحكيم العديد من مسابقات التصوير الضوئي داخل السلطنة وخارجها، وعرض أعماله في هولندا وألمانيا وأميركا وإسبانيا وتونس والقاهرة وكوريا الجنوبية وسويسرا.