غداة موافقة وزراء مال الدول ال 19 في منطقة اليورو على خطة مساعدة جديدة لليونان، يجد رئيس الحكومة اليونانية الكسيس تسيبراس نفسه في مواجهة تمرد داخل حزبه اليساري المتشدد من قبل الذين يرفضون الشروط التي فرضت على أثينا مقابل خطة المساعدة الجديدة. ولم يتمكن تسيبراس من الحصول على أكثرية البرلمان اليوناني على الخطة، الا بمساعدة المعارضة بعد تمرد ثلث نواب حزب "سيريزا" عليه، ما قد يدفعه إلى الدعوة إلى انتخابات مبكرة. ويواجه تسيبراس الآن مهمة لا يحسد عليها في تنفيذ الاصلاحات، ومعظمها يجب أن يمر عبر البرلمان، وهي آلية مقلقة في الوضع الحالي، إذ انقلب ضده عدد كبير من نواب حزبه. واحصت صحيفة «كاثيميريني» اليونانية اليوم ما يقارب 40 تدبيراً متعلقاً بالضرائب والمنافسة والضمان الاجتماعي والمعاشات التقاعدية التي يجب أن يصوت عليها والبدء بتنفيذها في حلول نهاية العام الحالي. وبحسب تقارير لوسائل إعلام يونانية، فإن تسيبراس أوضح إلى شركائه الأوروبيين أن «لا مفر من الانتخابات المبكرة». ولكن موعد اجراء هذه الانتخابات يمثل مشكلة كبيرة لرئيس الوزراء اليوناني. واجراء هذه الانتخابات في ايلول ( سبتمبر) المقبل يمكن أن يكون مناسباً إلى لتسيبراس، لانه لن يكون لدى الجناح اليساري في الحزب الوقت الكافي لتنظيم صفوفه لكنه في المقابل يؤخر تنفيذ خطة الانقاذ. اما اجراؤها في تشرين الاول (اكتوبر) المقبل، فيمكن أن يسمح لتسيبراس بالاستفادة من التقرير الأول للدائنين، لكنه يضر به اذا ما تراجعت شعبيته بعد القيام بحزمة الاصلاحات الاولى. ويتضمن بيان مجموعة اليورو عدة نقاط تثير القلق طرحت خلال المناقشات وخصوصاً من قبل ألمانيا. ومن بينها مسألة صندوق الخصخصة المقبل الذي يفترض أن يبدأ العمل في حلول نهاية العام الحالي. والقضية الحساسة الثانية، هي قدرة اليونان على سداد الدين الذي سيرتفع بهذا القرض الجديد إلى 200 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي اليوناني، ويعتبره صندوق النقد الدولي غير قابل للسداد، مهدداً بعدم المساهمة في تمويل القروض بدون اجراءات لخفض الدين. وكان وزراء مال الدول ال 19 في منطقة اليورو وافقوا في وقت متأخر أمس على حزمة مساعدات لليونان تصل إلى 86 بليون يورو على مدى ثلاث سنوات، في مقابل الاصلاحات المطلوبة منها على المدى البعيد. وتمت الموافقة على هذه الخطة التي تجنب اليونان التخلف عن سداد ديونها ومخاطر الخروج من منطقة اليورو، بعدما اقر البرلمان اليوناني صباح أمس النص الذي توصلت اليه اليونان والمؤسسات المالية الدائنة للبلاد. ويصر تسيبراس على أن خطة الانقاذ هي في مصلحة اليونان قائلاً، إن «الاتفاق سيسمح لليونان بجعل نظامها المالي اكثر استقراراً، بدءاً من الآن». ووصل سيريزا إلى الحكم في كانون الثاني (يناير) الماضي، بعد موجة من الغضب الشعبي ضد الزيادات الضريبية الحادة وخفض الانفاق والاصلاحات التي يطالب بها دائنو اثينا (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي)، في مقابل برنامجي مساعدات سابقين. ومنتقدو تسيبراس يتهمونه بالرضوخ لابتزاز الدائنين للموافقة على اجراء مزيد من الاصلاحات القاسية في مقابل مبالغ مالية تحتاج اليها البلاد بشكل مُلح. واكد رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر في بيان، بعد ست ساعات من المفاوضات الصعبة في بروكسل الجمعة، أن «الاشهر الستة الإخيرة كانت صعبة وامتحن خلالها صبر صناع القرارات السياسية والاكثر من ذلك صبر مواطنينا». وأضاف: «سرنا معاً على شفير الهاوية، لكن يسعدني أن أعلن اليوم أن كل الاطراف احترموا تعهداتهم والرسالة من اجتماع مجموعة اليورو واضحة: على هذا الاساس، اليونان عضو في منطقة اليورو وستبقى كذلك بصورة لا رجوع عنها». واوضحت مجموعة اليورو في بيان أن قيمة الشريحة الأولى من هذا البرنامج تبلغ 26 بليون يورو مقسمة على دفعات عدة اولها دفعة فورية بقيمة 10 بلايين يورو تودع في حساب منفصل لاعادة رسملة المصارف اليونانية. اما الدفعة الثانية من هذه الشريحة فقيمتها 16 بليون يورو ستسدد على دفعتين أيضاً، الأولى قيمتها 13 بليون يورو ستحصل عليها اثينا في حلول 20 آب (أغسطس) الجاري. ويمكن ان تحصل اليونان على البلايين الثلاثة الباقية دفعة واحدة أو على دفعات عدة وذلك في الخريف وتبعاً لوتيرة تطبيق الحكومة اليونانية الاصلاحات التي وعدت بتنفيذها. ومع اقرار هذا الاتفاق لم تعد اثينا في حاجة للحصول على قرض مرحلي لتتمكن من تسديد قرض بقيمة 3.4 بليون دولار يستحق ل "البنك المركزي الأوروبي" في 20 آب (اوغسطس) الجاري. لكن قبل تقديم هذه المساعدة يفترض أن تقر برلمانات ألمانيا وهولندا والنمسا الاتفاق. ومن المتوقع ان يصوت البرلمان الألماني على الاتفاق الأربعاء المقبل.