تثير مسألة الحقول النفطية المشتركة بين العراق وإيران اكثر من نقطة جدل في ضوء بروز اتهامات في شأن سيطرة ايرانية على هذه الحقول تعكس قوة التدخل الإيراني في العراق ما ينفيه المسؤولون العراقيون. وقال مصدر في شركة نفط الجنوب يعمل على الحقول القريبة من الحدود العراقية الإيرانية طلب عدم ذكر اسمه ل «الحياة» ان «هناك تحركات إيرانية صناعية في حقلي (مجنون وأبو غرب) العراقيين الواقعين قرب الحدود وأكثر هذه التحركات يتعلق بحفر الآبار المائلة لغرض سحب النفط العراقي من تحت التربة». وأضاف «آخر الحقول التابعة إلى إيران يبعد عن الحدود العراقية ما يقرب من 20 كيلو متراً واسمه دلهران». وفي ما خص الحقول الأفقية بين البلدين قال انه «لا يوجد إلا حقل (خانة) أما الحقول الأخرى فهي حقول يسيطر عليها الجانب الإيراني عمليا في شكل يجعل الكثير من العاملين العراقيين يرفضون العمل في تلك المناطق خوفاً من الاعتداءات التي كان منها طرد الكادر الهندسي العامل على حقل أبو غرب من الجهات الإيرانية». المحلل السياسي عبد الستار رحمن قال ل «الحياة» ان قضية «الحقول المشتركة ربما ستخلق في الفترة المقبلة أزمة جديدة في العلاقات بين الدول التي تتشارك بثروات نفطية، فالاقتصاد العالمي راكد وسيعتمد بدرجة أساسية على العائدات النفطية في حال استمر الركود وكل بلد مجاور للعراق لديه صراعات آنية تؤدي به إلى تأجيل صراعاته الأخرى في شأن النفط وتحديداً مع العراق الذي ما زال يحظى برعاية أميركية من نوع خاص تغنيه عن الدخول في معارك سياسية في هذا الشأن». لكن الخبير في شؤون اقتصادات النفط عبد الجبار الحلفي اكد ل «الحياة» انه «لا توجد حقول مشتركة بين العراق وأي من دول الجوار، بل ان المشتركات النفطية التي تقع ضمن جغرافيا البلدين لا يمكن إطلاق هذه التسمية عليها، والصحيح هو وجود تكوينات وتراكيب جيولوجية هايدروكاربونية مشتركة بين العراق ودول الجوار». ويضيف ان «التراكيب الهايدروكاربونية للعراق تنتمي الى العصر الجوراسي وبعضها الى العصر الكربتاسي – الطباشيري، وكلا النوعين يمتدان الى دول الجوار، فالترسبات الحوضية للعصر الجوراسي تمتد من جنوب الكوت الى البصرة، ثم تمتد الى جنوب وغرب ايران ، والى الكويت والبحرين». ويتابع أن «قيام إيران بحفر آبار على أراضيها القريبة من خط الحدود مع العراق لا يعني أنها استولت على الحقول العراقية، فوفقاً للقوانين الدولية الخاصة بالمشاريع النفطية من حق أية دولة أن تقيم مشروعاً نفطياً أو غازياً أو مصفاة للنفط على اراضيها على مسافة من خط الحدود مع دولة مجاورة». ويكمل «تمكنت وزارة النفط الإيرانية بوساطة شركة النفط الوطنية الإيرانية من زيادة الإنتاج من الحقول المجاورة للعراق بأساليب تقنية عالية المستوى على العكس من الأساليب التقليدية التي تنتج بها الشركات العراقية، إذن من الخطأ القول أن هناك حقولاً مشتركة. وإنما هناك جانب قوي تقنياً في مجال النفط، وآخر ضعيف ينتج بأساليب عفىّ عليها الزمن ولا يمتلك سوى اتهام الآخرين بالتجاوز على حقوله». ويضيف أن «حقل مجنون العراقي العملاق والذي يبلغ احتياطه النفطي غير الثابت أكثر من ثمانين بليون برميل لم تتمكن شركة نفط الجنوب من تطويره الا بأنتاج 40 الف برميل يومياً بالضغط المكمني الأولي». ويلفت الحلفي إلى انه لا يوجد مصطلح في مفهوم العلاقات الدولية يسمى (حقول مشتركة) إلا عندما يوجد اتفاق يحدد نوع صلاحية كل بلد في الجزء النفطي الواقع في أرضه كما هي الحال في الاتفاق الذي نظم عمل كل من قطر وإيران في الحقل الغازي المشترك بينهما والذي يقع ضمن المياه الإقليمية المشتركة أو الاتفاق الثنائي بين الكويت والسعودية في شأن استغلال الهايدروكاربونات في المنطقة الحدودية الواقعة بينهما». وكان العراق وإيران عقدا جولتين من المفاوضات في عامي 2006 و 2007 في شأن الحقول المتجاورة على هامش مؤتمر عقد في طهران نظمه معهد (راوند) الإيراني للدراسات الاقتصادية الدولية علماً أن هناك رقعاً استكشافية قريبة من الحدود بين البلدين تحتوي على النفط لم تستغل بعد. وكان العضو المنتدب في شركة النفط الوطنية الإيرانية غلام حسين نزاري اعلن أن ايران ترغب في تطوير هذه الرقع الأستكشافية بين البلدين كما أن العراق قد وجه الدعوة الى شركات ايرانية للمنافسة على الفوز بعقود لبناء أربع مصافٍ للنفط. وقال مسؤول الإعلام في شركة نفط ميسان علي عباس ل «الحياة» أن «أي بلد من البلدان يستطيع أن يستغل الجزء الخاص به من الحقول المشتركة»، مضيفاً «أن حقل أبو غريب ذي الطاقة الإنتاجية اليومية المقدرة ب (3500 برميل) يعتبر من الحقول المشتركة وإيران تستغله من جانبها ونحن أيضاً قمنا بتدشينه قبل أيام لاستغلال طاقته النفطية».