لا تكاد تنتهي صلاة الفجر إلا ويشمّر رجال من مدينة «بريدة» عن سواعدهم، مهرولين إلى ساحة مهرجان التمور في «الصباخ» جنوبالمدينة، إذ يحتفي المزارعون بخراف محصول العام وتقديمه بأبهى حلّة للمتسوقين، الذين يفدون من منطقة «القصيم» ومناطق السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، حتى باتت فرص العمل مطلباً للجميع وخصوصاً «الموظفين» في القطاعين العام والخاص، ففرص العمل التي توفرها السوق ومردودها المادي المغري خلال فترة وجيزة «لا تتجاوز 45 يوماً» يسيل لها لعاب ذوي الدخل المحدود والمراتب الصغيرة، وشجع على ذلك أن ساعات عمل السوق لا تتعارض مع ساعات العمل الحكومي الرسمي، وهذا أعطى دافعاً كبيراً لخوض غمار التجارة، وتبدأ حركة البيع والشراء من بعد صلاة «فجر» كل يوم مباشرة وتستمر حتى الساعة الثامنة صباحاً، ومن بعد صلاة «العصر» حتى التاسعة مساء، إذ يمتهن الموظفون العديد من الأعمال داخل السوق، كالدلالة والسمسرة، وتسجيل المبيعات، ونقل التمور من وإلى السوق، وبيع التجزئة. وقال الشاب «فهد الحمد» (موظف حكومي) إنه يعمل بمجال التمور منذ 8 أعوام، ويحصل على مردود مادي مغر وجاذب، مشيراً إلى أن فرص زيادة الدخل للموظف الحكومي نادرة جداً، مع أنظمة وزارة الخدمة المدنية التي تمنع مزاولة الموظف للعمل التجاري. وذهب إلى أكثر من ذلك الموظف عبدالله البراهيم، الذي أشار إلى أن إجازته السنوية يقضيها بين المزارع وسوق تمور «بريدة»، ويقوم كل عام بشراء ثمار النخيل، وجلبها إلى السوق، مؤكداً أنه لو علم موظفو القطاع الحكومي بما يحصل عليه من مردود مادي لسابقوه إلى هذه التجارة، داعياً إلى السماح للموظفين بمزاولة التجارة، لأن ذلك - بحسب قوله - يتيح فرص عمل حكومية أكبر بعد نجاح الموظف في تجارته واستقالته من العمل. الإفطار ينتقل من مكاتب الموظفين إلى المزارع يستغل موظفون يعملون في قطاعات حكومية مختلفة في مدينة بريدة، وقتاً مقداره ثلاث ساعات قبل ذهابهم لأعمالهم في زيارة مهرجان بريدة عاصمة التمور للترفيه والترويح، وتناول القهوة مع «التمر» التي وفرتها «مجاناً» اللجنة التنفيذية للمهرجان في ساحات البيع، وعلى رغم اختلاف مقاصدهم في زيارة السوق، إلا أنهم شبه متفقين على تفضيل تناول الإفطار الشعبي في «قرية التمور»، أو في فعالية مزرعة «ظلال النخيل» على تناوله في المكتب. ويعد بعض الموظفين الإفطار في المهرجان تجربة ثرية بالنسبة لهم، كونها تأتي بعيداً عن المكاتب وفي أجواء ريفية ممتعة، تنعشها رائحة «الخبز الحساوي» و«الكبدة الطازجة» و«الفول»، والأصناف الشعبية الأخرى المفضلة في الإفطار لدى الكثيرين منهم. يشار إلى أن مهرجان التمور أتاح أكثر من 500 فرصة عمل خلال موسم التمور، تتيح لمختلف شرائح المجتمع من كبار السن والشباب، والموظفين والطلاب من هم ليس لديهم وظيفة للعمل في موسم التمور من خلال المهرجان.