14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    أشبال الأخضر يجتازون الكويت في البطولة العربية الثانية    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    أمير الرياض يرعى السباق ويتوج «المنقوش» بكأس الأمير محمد بن سعود الكبير    سياسات أقطاب «النظام العالمي» تجاه المنطقة.. !    ألوان الأرصفة ودلالاتها    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ختام مزاد الصقور السعودي    الإعلان عن أسماء الفنانين العالميين في «نور الرياض» ومشاركة «18» سعوديًا    الارتقاء بالتعاون السعودي - الفرنسي في العُلا لمستويات أعلى    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    أسعار اليوريا العالمية تتباين في أعقاب الركود وتأمين المخزون في أميركا والهند    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    تحقيق يكشف الدهاء الروسي في أوكرانيا    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    إعلان برنامج انتخابات الاتحادات الرياضية 2024 – 2028    74 تشكيليا يؤصلون تراث وحضارة النخلة    توقيع مذكّرة تفاهم بين السعودية وتونس لتشجيع الاستثمار المباشر    المملكة تتسلم رسمياً استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    مسلح بسكين يحتجز عمالاً داخل مطعم في باريس    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيء من الإثارة الطيبة
نشر في الحياة يوم 14 - 08 - 2015

تحب السينما التعسف أحياناً في اختلاق الوقائع، والتسبب في التقاء شخصيات بخصائص متنافرة، شرط التمكن من وضع الخلاصة الدرامية المرجوة، منذ البدء، المحكومة للوصول إلى تحقيق الأثر العاطفي. وهذا الشريط الجديد يحقق هذا، أي أنه يتعسف، في محبّكه عبر سرد حكايتين تحدثان في زمنين تفرق بينهما أربعون سنة، وعبر تقديم أربع شخصيات/ رجال لكل منهم قصة وهدف حياتي يخرج عن المألوف. النتيجة مفارقة كثيراً. فنحن إزاء شاب اسمه الحسن يرحل من سكناه بجبال الأطلس الأمازيغية هرباً من الفقر وقلة ذات اليد، غير أن ما نراه هو بؤس متكلف ومسقط عسفاً يكشف أن المخرج لا يعرف الفضاء الذي يقدمه معرفة حقيقية. يلتحق الحسن بصديق له من البلد اسمه عمر ويشتغل ممرضاً في مدينة طنجة، أي في مجال جغرافي متناقض ومختلف تمام الاختلاف.
ولهذا الصديق في عيشه جانب قبيح هو الإتجار في الأعضاء البشرية برفقة طبيب رئيسي. ومن خلال هذا يدخلنا الشريط كما تريد الأعراف السائدة سينمائياً، في صراع الخير والشر، بطل شرير وآخر طيب. إذ إن الحسن القادم الطيب لا يرضى بجناية صاحبه، فيرحل تاركاً حقداً دفيناً في دخيلة الصاحب ستجعله يخطط لمؤامرة لن تكشف وقائعها سينمائياً إلا في الجزء الثاني من الشريط بعد أربعة عقود. الشريط يتكون إذاً من جزءين يتسمان بأجواء شديدة الاختلاف. الأول له مجال زمني يعود إلى نهاية ستينيات القرن الماضي بكل ما يفترضه من ديكور المرحلة الذي ارتأت حرية المخرج لتقديمها علامة الموسيقى بإيقاعها الراقص الحنيني الرائق الجميل والكازينو بلونه الصارخ وشخوصه، مع ما يستتبع ذلك من هدوم وكلام وموضة. في ذلك إشارة فنية وغمز لطيف مستساغ في السينما. كل مخرج يحلم أن يصور بأمانة مرحلة ما سالفة.
بعد كل تلك السنوات
الجزء الثاني تدور أحداثه في مجالنا الزمني الحالي. وفيه يفرض المخرج ابن الشخص الثاني واسمه علي وهو يقع أمام تهمة ملفقة بأبيه الطيب لها علاقة بقصة الإتجار بالأعضاء البشرية. يصعب تتبع التوارد الحكائي بهذا المزج بين لحظتين إلا بالتحكم في الإقحام الوارد أعلاه، وهو ما يمر بحيلة النوع السينمائي المختار، الذي هو نوع التحقيق والمطاردة كما في أفلام الحركة الشائعة، ونفهم أن مبرر المخرج هو منح العمل جماهيرية وقبولاً في القاعات، الشيء الذي ينسحب فيه الموضوع إلى الخلف، ولا يهم كثيراً في أساس الفيلم حين ننساق إلى تتبع الشخصيتين في ارتحالهما. فالسينما هدفان: التسلية أو التعبير. وهنا تسيطر التسلية أكثر. الابن علي يلتقي في طريقه بشخص ثان هو سعيد، يبدو غير سليم الطوية وصعب السلوك والعشرة، ويترافقان في سفر ويتناطحان ثم يتفاهمان ويكشفان علاقة عائلية أخوية مبهمة مسكوتاً عنها لمدة، فتتعقد الأحداث مما جعل النمو الدرامي يتزايد والتشويق يتصاعد. وطبعاً، سيتم اكتشاف المؤامرة بعد سلسلة من الوقائع والظروف. والحبكة ستبين عن أسسها وقفلها النهائي، ويكمل الشريط دورته.
هذا العمل السينمائي الجديد هو أول فيلم طويل لعثمان الناصري بعد أفلام قصيرة وأفلام وثائقية تلفزية، وبعد دراسة سينمائية في فرنسا وإسبانيا. أي بعد تجربة تعليم وإخراج. إلا أن المعروف أن التجربة في المشاهدة الفيلمية المتكررة والتكوين الذاتي لهما الدور الأكبر في نسج إبداع سينمائي قوي. لكن بما أنه عمل أول، فقد رام المخرج قول الكثير من الأشياء كما يحدث للكثير من المخرجين الشباب، وهو ما يشفع له، هو الذي تبنى بعفوية مواضيع كثيرة بلقطات مختارة بعضها أصيل، وبعضها سبقت رؤيته في أعمال سينمائية عالمية. فموضوع وضعية المرأة في الجبل بدا كليشيه صورياً فولكلورياً لا غير. ونية إظهارهن منعزلات بدون رجال لا تقنع بتاتاً. موضوع الانتقال الجغرافي تبعاً لمناطق التصوير ما بين الأطلس الكبير والرباط وطنجة ومدينة سبتة السليبة من طرف الإسبان هو تنويع جغرافي تشتم منه رغبة في التوثيق الصوري الحائر ما بين الشاعري في الجبل والتوثيق الشاهد عن عصر بحقائق المدن. لكن كل هذا لا يعمق الموضوع، ولا يتعمق هو نفسه، بل يتم عبوره من فوق بحيث إن ما يترسخ في العين هو علاقات الشخوص في ما بينها بكلامها وأدائها وحملها لتطوير حكايات الشريط المتعددة. ومع ذلك يمكن القول ان التجربة تستحق المتابعة، وبالتالي تعطي فرصة نقاش سينمائي بواسطة المكتوب إلى جانب أفلام شبابية من ذات الطينة حبلت بها السينما المغربية في هذه السنوات الأخيرة. ثم أليست السينما ذريعة كتابة عالية، وإن يظهر جلياً أن الكثيرين لا يودون الاعتراف بهكذا حقيقة، رغم وجودهم في بلدان سينماتوغرافية كبرى الكتابة فيها أساسية، حيث تتكامل الأجناس الإبداعية في ما بينها وتترافد من معين مشترك. ولنا في تجربة فيلم «ساغا» أمثلة هو الذي ارتحل إلى الأرجنتين كي يصنع له الموسيقى التصويرية الجميلة، في بلد خورخي بورخيس والتانغو. في اختصار أنجز المخرج عثمان الناصري عملاً محترماً في جانبه التقني وفي سلامة حكيه حتى النهاية، ما يرضي ذائقة جماهير هذا النوع من السينما، أي الإمتاع اللحظي. لكن التعبير تشتت في الحركة والرغبة في إثارة العين بمشاهد العنف اللفظي بكلام الشارع، والعنف الجسدي بمقالب القفزات والعدو والصراع.
في الأخير، يخرج المتفرج بصور لطيفة، تكشف عن وجود إمكانية تخييل قد تتكاثف مستقبلاً إذا ما ارتبطت بموضوع واحد، وأخذت الوقت الكافي كي تختمر وتتحول إلى صورة ناطقة دون اللجوء إلى التكثير والصخب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.