استيقظت محافظة حفر الباطن فجر أمس على حدث نادر من حوادث الصفح والعفو، حينما اختار بداح بن راشد السهلي أن يعفو عن قاتل ابنه ،فجر أمس، قبل تنفيذ حكم القصاص لوجه الله تعالى بعد زيارة قام بها جماعة المسجد ليضرب أحد أروع الأمثلة في وقتنا المعاصر. وكانت مشاجرة وقعت قبل أربعة أعوام قام فيها فهد بن مشاري البرازي بطعن مفرح بن بداح السهلي ليصدر حكم الشرع بالقصاص من الجاني ولم تنفع الوساطات التي قام بها عدد من الأعيان والوجهاء، فيما كان موقف أسرة القتيل رافضاً لمبدأ أخذ الدية مهما كان قدرها بالرغم من العروض، التي وصلت للملايين لتحين ساعة القصاص ويتم تأجيلها أملاً في عفو ذوي مفرح بيد أن كل المحاولات لم يكتب لها النجاح، واختار جماعة المسجد أن يقوموا بمحاولة أخيرة قبيل تنفيذ القصاص صباح الأمس، فانطلقوا بعد صلاة الفجر لزيارة أخيرة لوالد القتيل وبعد مناشدات بالعفو أعلن الوالد المكلوم عفوه لوجه الله تعالى عن قاتل ابنه، و تنازله لوجه الله تعالى راسماً صورة من صور العفو والصفح. وتلقى السهلي اتصالا من أمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف أشاد بموقفه النبيل بالعفو عن قاتل ابنه، مستمداً من قوله تعالى: «فمن عفا وأصلح فأجره على الله»، داعياً الله أن يجعل هذا الأجر له ولابنه وذريته. وسرعان ما تم تناقل الخبر لتضج مواقع التواصل الاجتماعي بالشكر والثناء لبداح السهلي للعمل النادر الذي قام به، وتوافد عدد غفير من أهالي حفر الباطن لزيارة منزل بداح شكراً له وتقديراً يتقدمهم محافظ حفر الباطن عبدالمحسن العطيشان، الذي شكره لعتق رقبة وتساميه بالصفح عن قاتل ابنه سائلاً الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، و أن يجزي والده خير الجزاء ويجزل له الأجر والمثوبة. من جانبه قال بداح السهلي: إن تنازله كان لوجه الله تعالى رغبة فيما عند الله من أجر وثواب، وأن ما عند الله خير وأبقى، داعياً الجميع بالدعاء لابنه بالرحمة والمغفرة. وطالب عدد من أهالي حفرالباطن بتكريم «العافي» بداح السهلي على المستوى الرسمي كي يصبح ما فعله درساً من دروس العفو والصفح وقدوة للحوادث المماثلة التي مرت ولا تزال تمر لاسيما في ظل تنامي ظاهرة المتاجرة بالدماء وطلب المبالغ الفلكية للتنازل عن القصاص مما جعلها تلامس 50 مليوناً.