كلما أوشكت عاصفة «زواج القاصرات» أن تنتهي عبر ضغوط أو تدخل جهات قانونية، تبدأ في الاشتعال مجدداً، عبر حادثة زواج مستفز آخر، مثلما حدث أخيراً عندما قذف مواطن في مدينة بريدة بطفلته في أحضان ثمانيني، قالت البنت في ما بعد إنها رضيت به براً بأبيها، الذي حوصر بهجاء صحافي وشعبي لاذع. ومع أن وزارة العدل وهيئة حقوق الإنسان، أعلنتا مراراً متابعتهما للملف بحثاً عن حلّ يعالج المسألة حقوقياً، من غير أن تتورطا في مخالفات شرعية، إلا أن تلك النيات، التي يقال إنها تحتاج ضوءاً أخضر من «كبار العلماء» وهيئة الإفتاء، لم تصل بعد إلى نقطة حسم مع قضاة ومأذوني أنكحة لا يستندون حتى الآن إلى ركن نظامي في المسألة شديد. من جانبه، أكد المستشار القانوني عضو منظمة العفو الدولية خالد الشهراني ل «الحياة»: أن ظاهرة زواج القاصرات أو الصغيرات أصبحت في اتساع على رغم ما يتسبب فيه هذا الزواج من مشكلات اجتماعية وثقافية وصحية. واعتبر هذا النوع من الزواج «تعدياً سافراً على حقوق الطفلة والطفل القاصرين، وانتهاكاً واضحاً للطفولة سواء كانت انتهاكات جسدية أم معنوية». ورأى أن الدولة التي أصبح اهتمامها «بالقضاء بصفة خاصة في الفترة الأخيرة، لا بد أن تكثف جهودها لاستصدار قانون للأحوال الشخصية يحفظ حقوق المرأة ويحدد سناً معينة للزواج، ويضع عقوبات على من يخالفه وذلك بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية». وأشار إلى أن الكتاب والسنة لم يحددا صراحةً سناً معينة للزواج، ولكن من الشروط التي يجب توافرها أن تكون بالغة، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» أي أنها لم تصبح ولوداً إلا بالبلوغ. أما الاتفاق الدولي لحقوق الطفل الذي نصّت المادة 16منه على أنه لا يجوز أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته، فيرى أنه يدعم الموقف السعودي لسن قانون خاص يحدد سن تزويج القاصرات. الشهري يرى أن «السن المناسبة للزواج هي 18عاماً، وأن من يخترق هذا النظام فلا بد أن تكون هناك عقوبة تعزيرية تصدر ضده، كما أن تحديد سن معينة للزواج قد يختلف من دولة إلى أخرى بحسب عاداتها وتقاليدها وجوها، ولا توجد سن معينة محددة عالمياً». كما أن تحديد سن معينة للزواج سيقلل في نظره من نسبة العنوسة التي أصبحت في ازدياد، لأنه سيعطي الفرصة للزواج ممن تخطت سن ال18، بحسب قوله. ولم يغفل تمسّك المجتمع بضرورة الكفاءة في الزواج واعتبارها شرطاً لازماً للنكاح، وتساءل: هل الكفاءة فقط تتوقف على الدين، النسب، الحرفة، الحرية، المال؟ فهل لو تزوج رجل مسن في الثمانين من عمره بطفلة عمرها سبعة أعوام يكون كفؤاً لها؟ وهل سيكون هناك تفاهم بينهما لاستمرار حياة زوجية سعيدة وهي ما زالت طفلة في عمر أحفاده؟